إنّ الزّنا هو حدوث علاقة جنسيّة غير شرعيّة بين الرّجل والمرأة، وذلك من دون زواج، حيث أنّ الله سبحانه وتعالى قد أحلّ الزّواج الشّرعي بين الرّجل والمرأة، وذلك من أجلّ الحدّ من هذه المشكلة، فكما قال الله سبحانه وتعالى، ونصّ عليه الدّين الإسلامي، أنّ الزّواج فيه ستر للرجل والمرأة، حيث أنّ الزّواج يمنع حدوث مثل هذه الأمور التي يرفضها الشّرع الإسلامي، والزّنا يكون في السرّ بعيداً عن أعين النّاس، على عكس الزّواج الشّرعي، والذي يكون من أهمّ شروطه الإشهار بين النّاس، وحضور الشّاهدين والنّاس جميعاً.
محتوياتيعتبر الزّنا في الدّين الإسلامي كبيرةً من أكبر كبائر الذّنوب، وفاحشةّ من أبغض وأبشع الفواحش، وقد حرّمه الله عزّ وجلّ على المسلمين، ونهى عنه في محكم كتابه، فقال سبحانه وتعالى:" وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا "، الفرقان/68-70.
وقال سبحانه وتعالى:" وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً "، الإسراء/32، وقد نهانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن إتيان الزّنا، ويكفي في الرّدع والزّجر عن إتيانه أنّ عقوبته الدّنيوية من الممكن أن تصل إلى قتل النّفس، وبالتالي يتمّ رجم الزّاني المحصن حتى الموت، لكنّ الله سبحانه وتعالى بفضله، واتساع مغفرته ورحمته، قد فتح باب التوبة للعصاة والمذنبين من خلقه، ودعاهم إليها، وقد أخبرنا النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّ من تاب قبل غلق باب التّوبة تاب الله عليه، فقال كما جاء في صحيح مسلم:" من تاب قبل أن تطلع الشّمس من مغربها تاب الله عليه ".
فإنّ العبد إذا ما ارتكب أيّ ذنب حتى وإن كان الشّرك بالله، والذي هو من أعظم الذّنوب وأخطرها، فإنّه حين يتوب منها توبةً نصوحاً، فإنّ الله سبحانه وتعالى، يتفضّل ويتكرّم عليه بأن يقبل منه توبته، ويغفر له كلّ ما قام بارتكابه من المعاصي (1)، وأمّا التوبة النّصوح فإنّ لها شروطاً حتى تكون كاملةً وتامّةً، وهي على الوجه التالي: (2)
إذا وفّق الله سبحانه وتعالى العبد إلى أن يتوب قبل موته، فإنّه من المفترض أن تكون حالته دائماً ما بين رجاء أن تقبل توبته، وبين المخافة من عقاب الله عزّ وجلّ له، فإنّ جميع ذلك أدعى أن يغفر الله له ويرحمه، ولكن هناك علامات تؤنس المؤمن، وتدلّ على أنّ الله سبحانه وتعالى سيقبل التّوبة عن عبده، ومنها: (3)
ولكن في المقابل فإنّه ليس من علامات عدم قبول التوبة أن ترجع حال صاحبها إلى الأحوال التي زالت عن الشخص إليه، بل إنّ الله سبحانه وتعالى قد يقبل توبته، ثمّ لا يبسط له في رزقه مثل ما كان أولاً، المهم في ذلك كله أن يتوب المرء إلى الله سبحانه وتعالى بإخلاص وصدق، وأن ينيب إليه، فإن بسط له الله سبحانه وتعالى فذلك من نعم الله عليه، وإن لم يبسط له، فإنّه قد أنعم عليه نعماً أخرى، قد يكون هو غافلاً ولاهياً عنها، قال سبحانه وتعالى:" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا "، النحل/18.
حكم الزنالقد حرّم الله سبحانه وتعالى الزّنا، وحرّم جميع الطرق التي تؤدّي إليه في أكثر من آية، قال سبحانه وتعالى:" وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً "، الإسراء/32، وقال جلّ ذكره:" قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ "، النور/30، وقال سبحانه وتعالى:" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ "، النور/2.
ويعتبر هذا الحدّ ثابتاً في حقّ البكر غير المحصن، وقد زادت السنّة النّبوية عقوبةً أخرى، وهي تغريبه سنةً كاملةً عن المكان الذي زنا فيه، قال صلّى الله عليه وسلّم:" خذوا عنّي خذوا عنّي، قد جعل الله لهنّ سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة "، رواه مسلم.
وأمّا من زنا وهو محصن فإنّ الحدّ عليه هو الرّجم حتى الموت، سواءً أكان رجلاً أو امرأةً، وللإحصان شروط ذكرها أهل العلم، ومن جملتها الوطء في القبل في نكاح صحيح حاصل من حرّ بالغ عاقل، وهناك خلاف بين العلماء حول الاقتصار على الرّجم فقط أم أنّه يجلد ثمّ يرجم، حيث مال أكثرهم إلى الخيار الأوّل، ومن هؤلاء: النخعي، والأوزاعي، ومالك، والشّافعي، وأصحاب الرّأي، وهو رواية عن أحمد، وأمّا الآخرون فقد ذهبوا إلى القول الثاني، ومنهم: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو جار على الرّواية الأخرى عن أحمد.
أمّا فيما يختصّ بالجنين الذي جاء نتيجة لارتكاب فاحشة الزّنا، فإنّه يحرم أن يتمّ إجهاضه، فإنّه في حال خرج من بطن أمه حيّاً فليس بينه وبين أبيه من الزّنا نسب ولا توارث، وإنّما يتمّ نسبه إلى أمّه، وهو يرث منها وترث منه، وذلك للقاعدة الفقهيّة التي تقول: المعدوم شرعاً كالمعدوم حسّاً. (4)
المراجع(1) بتصرّف عن فتوى رقم 132007/ التوبة من الزنا مقبولة بشروطها/10-2-2010/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 5450/ التوبة مقبولة بشروطها/ 9-2-2004/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن فتوى رقم 121330/ علامات يستأنس بها تدل على قبول التوبة / 9-5-2009/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(4) بتصرّف عن فتوى رقم 26046/ الزنا...حكمه...وما يترتب عليه من آثار/10-12-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.netالمقالات المتعلقة بشروط التوبة من الزنا