الذنوب والمعاصي تكون إمّا كبائر أو صغائر، وهناك ذنوب عظيمة تتزلزل لها الجبال و ترتجف لها الأرض من عظمتها ولا شكّ أنها عظيمة لأنها بحقّ الله العظيم، ولكن الإنسان المسلم يبقى بشراً يخطئ ويصيب وهو غير معصوم عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ولا شكّ أن الذنوب تورث سقم النفس ومرضها وربّما امتدّت آثارها إلى الجسد خصوصاً إذا كانت من معاصي الجسد ككبائر الزنا والعياذ بالله، وتصل إلى بركة المال فتمحقها لأن الله قد توعّد صاحب الربا بالحرب وبكساد المال ومحقه لأن الله يمحق الربا ويربي الصدقات.
نحنُ هنا لسنا بصدد تعداد الذنوب والمعاصي، ولكن لنضع أنفسنا المذنبة وكل من يقرأ هذا المقال أمام باب التوبة الذي ما أغلقه الله عزّ وجلّ، بل تركه مفتوحاً أمامنا ليل نهار، يبسط ربّنا يدّه بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فالحمد لله على هذه الرحمة.
كيفية التوبة من الذنب ولو كان عظيماً
- الاستغفار والتوبه هو أول ما يفعله العبد المؤمن حال وقوعه في الذنب، ولو كان هذا الذنب عظيماً فإن الله يغفره، لقوله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ؛ لذا فإنّ الاستغفار والتوبة هو سبيل غفران الذنوب وأمّا القنوط من رحمة الله فهو ذنبٌ أعظم من الذنب الذي وقعت فيه.
- أن تعزم النيّة وتكون صادقا أمام الله عزّ وجلّ في عدم العودة إلى الذنب مهما كانت الأحوال، والله سبحانه وتعالى إذا رأى منك صدق النيّة وهو جلّ وعلا أعلم بأنفسنا منّا غفر لك على ما كان منك ولا يبالي جلّ جلاله.
- إذا كان هذا الذنب قد وقع على أحد من الناس، كأن سرقت منهم مالا أو غيره، فعليك أولا أن تعيد الحقوق إلى أصحابها وأن تطلب منهم أن يسامحوك على ما بدر منك تجاههم، وأن تدعوا لهم في ظهر الغيب، وأن تذكرهم بالخير وتكثر من الثناء عليهم في مجالس كنت تذكرهم فيها بسوء أوكنت تكيل لهم من التهم والاساءات أو ما شابه.
- حسن الظنّ بالله ؛ لأن الله عند حسن ظنّ العبد به، فليظنّ بي عبدي ماشاء كما جاء في الحديث، فأحسن الظنّ بالله يؤتيك الله ما سألت.
- لا تستعظم الذنب أمام عفو الله ومغفرته، ولا تقلّ يا ربُّ عندي ذنبٌ عظيم وإنما قل يا ذنب عندي ربُّ عظيم.
- الاستقامة بعد التوبة وحسن الحال مع الله عزّ وجلّ وحسن السيرة مع الناس، وأكُثر من الطاعات خصوصاً في الأماكن التي كنت تعصي الله فيها إن اتستطعت، علّها تشهد لك بخير.
- أكثر من الصلاة وأكثر من الطاعات، وذلك لقصّة الصحابيّ الذي أذنب وأنزل الله على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم: ( أقم الصلاة طرفي النهارِ وَزًلَفاً من الليل، إنّ الحسنات يذهبن السيئات)، فلنكثر من فعل الطاعات وخصوصاً الصلاة ؛ لأن الحسنات يذهبنَ السيئات.