الخطابة وهي لون من ألوان النثر، ولون أدبيّ عُرف منذ العصور القديمة ولكن ليس بالتطور الذي عليه الآن، وتختلف عن غيرها من الفنون النثرية، في أنها تأتي بالسليقة، من غير تكلُّف ولا تصنُع، فعباراتها ليست مسجوعة بل تأتي من عفو الخاطر، وتختلف في هذه عن الشعر الذي يتطلب القافية والوزن الجيد، كما وتُعتبر الخطابة فنّاً من فنون الإلقاء والمُشافهة، تُلقى أمام عدد غفير من الأشخاص.
خصائص الخطابة الألفاظألفاظ الخطابة تتميز بسهولتها وجزالتها، بعيدة عن التعقيد اللفظيّ والمعنويّ، تُساهم في تحصيل ثمرة غاية الخطابة، يُقنع الخطيب فيها الناس بالفكرة التي يريد توصيلها إليهم، وقد ذكرت كتب التاريخ العديد من الخطب التي بقي أثرها خالداً في نفوس الناس لسلاسة كلماتها، وعذوبتها، ومنها خطبة الوداع التي ألقاها الرسول عليه الصلاة والسلام قبل وفاته.
الموضوعات
من حيثُ مناسبتها لحال المستمعين، تُخاطب عواطفهم، وتُناقش ما يَشْغل بالهم، يجد فيها الناس متنفّسهم، وحلولاً للمشاكل والصعوبات التي يواجهونها، أما حين يتجه الخطيب إلى الخيال، ويخاطب الناس في موضوع لا يحتاجونه، أو ليس من واقعهم، فذلك يُفقدها ميزتها، ويجرّدها من فائدتها، ويجعلها كالشعر في الخيال والتصويرات، ويضع حاجزاً بين الجمهور والهدف من الخطبة، وكذلك لا تتحدد موضوعاتها، فموضوعها الحياة بكل ما فيها، فمهما كان الشيء حقيراً أو جليلاً، صغيراً أو كبيراً، إلا ويدخل في حكمها، حتى الموضوعات الخاصة قد تكون موضوعاً للخطابة كالخصومات بين الأفراد، وعليه فعلى الخطيب أنْ يكون مُلمّاً بكل أصناف المعارف، فاهماً وواعياً بأمور الدين والدنيا.
الأسلوب
فهي لا تتقيّد بأسلوب من الأساليب، إنّما يُحَدد أسلوبها تبعاً للموضوع ولحالة المتلقي، فهناك الخطيب المثقف الذي يرتقي بأسلوبه إلى البلاغة العالية، والأسلوب الرفيع، والخطباء العَوام ويتميّز أسلوبهم بالبساطة والسهولة، بعيداً عن المصطلحات الأدبيّة والعلميّة، وهناك أنصاف المتعلّمين الذين يمزجون بين النوعين من الأساليب.
الإقناع
تهدف الخطابة دائماً إلى إقناع المُستمعين، وهي من أكثر الفنون التي ترتكز على عنصر الإقناع، بل وتعتمد كثيراً على أساليب الإقناع من الاستفهام، والزجر، والإنكار، والتقرير، والنداء، والتمني.
المعاني
تتميّز معاني الخطابة بالسهولة والوضوح، بعيدة عن التكلف والتعمق والغموض.
تطور الخطابة عبر العصورلقد عرف العرب الخطابة منذ العصر الجاهلي فقد كانت وسيلة من وسائل التواصل بين الناس، فقد استخدمها العرب في العصر الجاهليّ في المفاخرات بأنسابهم وماضيهم، وحثهم على القتال، وحقن الدماء ونشر السِلم والأمن، وكذلك استخدموها في مناسباتهم الدينيّة، والاجتماعية والأدبية المختلفة، وقد ظهر عدد من الخطباء في العصر الجاهلي ومنهم قسّ بن ساعدة، وأكثم بن صيفيّ، وكان للخطيب عند العرب منذ العصر الجاهلي المكانة الكبيرة والمهمة في المجتمع للدور الذي يقوم به، وقد جمع عددُ كبيرٌ من الشعراء بين الشعر وهذا الفن ومنهم عمرو بن كلثوم التغلبيّ، ثم جاء عصر صدر الإسلام وأعلى من شأن هذا الفن الراقي لما له من دور في هداية الناس إلى الإسلام، وتثقيفهم في أمور الدين، وتلاه ذلك العصر الأموي الذي ترافق معه التطور في الفنون الأدبية ومنها الخطابة، ثم العصر العباسي، حيثُ أعطى الخلفاء العباسيون للخطابة أهمية مرموقة.
المقالات المتعلقة بخصائص الخطابة