حرص الإسلام على قيام الأسرة التي هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع على المحبة والتآلف، ولكن لابد وأن تظهر بعض المشكلات التي تكدر صفو الحياة الزوجية، فيقع بين الزوجين نفور وخصام، مع استنفاذ كل طرق الإصلاح، فلا يبقى حل سوى إنهاء رباط الحياة الزوجية بما يحفظ حقوق كل طرف، بدلًا من استمرار الحياة بالنزاع والضغينة.
ويكون إنهاء رباط الزوجية بأحد ثلاث: الطلاق، أو المخالعة، أو التفريق عن طريق القضاء.
ما هو الطلاق وما مشروعيته:
الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله، وهو حل عقد الزواج بعبارة تفيد ذلك. والأصل في مشروعيته من الكتاب، فقوله تعالى: "الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" وأمّا السنة المطهرة فقوله (صلى الله عليه وسلم): "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" وقد أجمع المسلمون على جواز الطلاق.
حكم الطلاق:
الطلاق في الإسلام مباح للحاجة، فإذا لم يوجد ما يبرره، ووقع بغير سبب أو مسوغ شرعي أثم صاحبه عند الله تعالى؛ لأنّه أساء استعمال الحق الذي جعله الشارع بيده، قال تعالى: "فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً".
والطلاق من غير سبب ظلم وعدوان، وكفران للنعمة، وهدم للأسرة، وإلحاق ضرر كبير بالأبناء.
وقد ذهب قانون الأحوال الشخصية إلى أن إيقاع الطلاق على الزوجة ظلمًا من غير مسوّغ أو مقتضى مشروع يعد طلاقاً تعسفيًا، ويلزم المطلق بتعويض زوجته عن الضرر الذي لحقها؛ وذلك زجرًا للأزواج عن التعسف في الطلاق.
شروط وقوع الطلاق:
أ. أن يكون الزوج مختارًا غير مكره، فلا يقع طلاق المكره لقوله (صلى الله عليه وسلم): "إنّ الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"
ب. أن يعي الزوج ما يصدر عنه، فلا يقع طلاق السكران، ولا المجنون؛ لعدم الإدراك، ولا الغضبان غضبًا شديدًا بحيث لا يقصد ما يصدر عنه.
الطلاق السني والطلاق البدعي:
وضع الإسلام ضوابط يجب على المطلق أن يسير وفق هديها، فإن التزم بما أمر به الشارع كان طلاقه وفق السنة، وإن لم يلتزم بها كان طلاقه بدعيًا.
- الطلاق السني: هو طلاق الرجل زوجته مرةً واحدةً في طُهر لم يمسها فيه.
- الطلاق البدعي: هو الطلاق المخالف للشرع، وهو طلاق الرجل زوجته في حال الحيض أو النفاس، أو طلاقها ثلاثًا بكلمة واحدة، أو ثلاثًا متفرقات في مجلس واحد، فإذا فعل ذلك وقع طلاقه، وكان آثمًا عند الله تعالى.
والحكمة من تحريم الطلاق البدعي تقليل حالات الطلاق في المجتمع.
أنواع الطلاق:
والطلاق الرجعي لا يزيل قيد الزوجية، ولا يزيل ما دامت الزوجة في العدة، ولا يمنع التوارث بينهما إذا مات أحدهما في العدة.
أ. إذا كان قبل الدخول. ب. إذا كان مخالعة. ج. إذا انقضت العدة في الطلاق الرجعي.
الحلف بالطلاق:
إنّه لا يجوز للمسلم أن يحلف بغير الله تعالى لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت"، وقد اختلف العلماء في الحكم على الحلف بالطلاق، ولكن الأيسر والأخف على أهل هذا الزمان (والله اعلم) ما سيأتي ذكره الآن، وهو أيضًا رأي لشيخ الإسلام، العالم ابن تيمية.
الحلف بالطلاق إنّما يقصد به تأكيد الكلام، مثل قول الرجل: "عليّ الطلاق إني ما كلمت فلانًا"، أو قوله: "عليّ الطلاق لتدخلن بيتي".
وهذا لا يقع طلاقًا وفق ما عملت به قوانين الأحوال الشخصية، وإنّما يعد يمينًا، يكفر عنه كفارة يمين. وقد اعتاد بعض الناس على الحلف بالطلاق، وهذا لا يتناسب مع مكانة الأسرة وقدسية الرابطة الزوجية.
لذلك يجب على الزوج احترام العلاقة التي تربطه هو وأسرته، ولا ينبغي له تعريضها لمثل هذه محكات ومواقف، فالرابطة الزوجية هي أعلى وأسمى من أن يأتي على ذكرها ويهدد بها في كل وقت وحين، هذا والله أعلى وأعلم.
المقالات المتعلقة بحكم الحلف بالطلاق