كان الصحابة رضي الله عنهم مثالاً للاسلام و المسلمين، و هم بأخلاقهم و إيمانهم الشديد بالله، أعطوا فكرة شاملة عن الإسلام و من عاصرهم أو قرأ عنهم التمسوا قلبه و جعلوه يفكر بسماحة الدين الاسلامي، و من هؤلاء الصحابة الأتقياء سلمان الفارسي:
ولد سلمان الفارسي في بلاد الفرس سنة 568 هـ، و جاء اسم سلمان الفارسي من سلمان أي من كلمة الإسلام و الفارسي أي من بلاد الفرس و قد سبقهم جميعا و أسلم قبلهم، كان سلمان مجوسي يعبد النار، و قد كان أبوه من سادات قومه، و لكنه لم يقتنع بأن النار إله، و بعد أن تدبر في الكون و تأمل و تفكر، رأى بأنه يجب عليه أن يبحث عن الإله الحقيقي و خالق هذا الكون، و في أحد الأيام مر بجوار كنيسة يتعبد فيها النصارى، فسمعهم يدعون الله و يتلون صلاتهم، و قرر بأن هذا الدين أصح من دين المجوس، فسأل النصارى كيف يدخل الشخص في دينهم، فأخبروه أن يذهب إلى بلاد الشام كي يلقى رجال الدين و القسيسين لكي يعمدوه، و لما رجع إلى أبيه أخبره بما حدث معه و أنه قرر أن يدخل في دين النصارى، و لكن أباه قام بتقييده و تغذيبه و قام بحبسه، و استطاع سلمان الفارسي أن يهرب من عند أبيه إلى بلاد الشام، و من هناك اعتنق النصرانية و عاش في رحاب الكنيسة مع مجموعة من الأساقفة من مختلف الأماكن، و آخر أسقف كان قد عاش معه أخبره بأن هناك رجل في بلاد العرب هو نبي الله و أنه يحمل معه رسالة الدين الصحيح، فذهب يبحث عنه و وجد في طريقه مجموعة من التجار فأخبرهم أن يوصلوه لبلاد العرب مقابل الأنعام التي يملكها، لكن التجار أخلفوا بوعدهم، و هناك قاموا ببيعه إلى تاجر يهودي، وبهذا أصبح عبدا مملوكا للتاجر اليهودي، من ثم عاد ذلك التاحر فباعه مرة أخرى إلى تاجر يهودي آخر في يثرب، و قد عمل في إحدى حدائق هذا التاجر، و عندما نزل الاسلام على رسول الله شاع الخبر بين الناس، فذهب سلمان الفارسي إلى الرسول (صلى الله عليه و سلم) و أخذ يتقصى علامات النبوة على الرسول محمد، و لما تأكد منه جثا له باكيا، و اخبره قصته الحقيقية، و هذه هي قصة إسلام الصحابي الجليل سلمان الفارسي.
كان سلمان الفارسي من بلاد الفرس و من أقوياءها و أشدائها، و قد كان محاربا قويا، و يمتلك الحنكة العسكرية و الفطنة ، ففي غزوة الخندق ( الأحزاب ) أشار سلمان الفارسي على الرسول صلى الله عليه و سلم بفكرة حفر الخندق، و قد كانت فكرة مباغتة و عسكرية، و يعود الفضل في انتصار المسلمين في هذه الغزوة إلى الله ثم إلى حفر الخندق، و قد كانت له مكانة كبيرة عند الرسول (صلى الله عليه و سلم )، و قال عنه أنه من أصحاب أهل البيت .
توفي سلمان الفارسي في 644 هـ عن عمر يناهز الثمانية و سبعين عاما، و كان سلمان قد علم بقرب وفاته، فطلب من زوجته أن تحضر شيئا قد خبأه معها، و عندما أحضرته كان مسك، فأخبر زوجته أن ترش المسك حوله، و طلب منها أن تخرج بعدها، و عندما عادت وجدته متوفيا، و قد دفن في بغداد .
كان سلمان الفارسي مثال العقل المتفكر المتدبر الذي تأمل بالكون، وعرف بأن هناك خالق و رب واحد، و هو من أبرز الصحابة الذين عاشوا مع النبي (صلى الله عليه و سلم)، و كان لهم الدور الكبير في الغزوات و المعارك، و الدفاع عن الدين الاسلامي .
المقالات المتعلقة بتقرير عن سلمان الفارسي