التفّ حول النّبي عليه الصّلاة والسّلام في دعوته عددٌ من الرّجال الصّادقين الأوفياء الذين بذلوا أنفسهم رخيصةً في سبيل رفعة الدّين وإعلاء كلمة الله تعالى في الأرض، وقد كانت هذه الثّلة المباركة من الرّجال مثالًا في التّضحية والفداء حتّى كان أحدهم يتمنّى لو يفتدي رسول الله عليه الصّلاة والسّلام بنفسه ولسان حاله يردّد نفسي دون نفسك يا رسول الله، وقد برز من بين الصّحابة رجلٌ كان له قدم سبق في الإسلام؛ حيث كان أوّل من أسلم من الصّبيان، فمن هو هذا الفدائي البطل الذي لقّب بأوّل فدائي في الإسلام؟ وما هي أبرز جوانب سيرته؟
أول فدائي في الإسلام مولده ونشأتهولد الصّحابي الجليل علي ابن أبي طالب رضي الله عنه في مكّة المكرّمة في السّنة الثّالثة والعشرين قبل الهجرة إلى المدينة المنوّرة، وقد أسلم مبكرًا وعمره لا يتجاوز عشر سنوات، وقد كان ابن عم النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام ومن أقرب النّاس إليه ذمةً ورحمًا، وقد كفله النّبي الكريم ورعاه تخفيفًا على عمّه أبي طالب، فنشأ رضي الله عنه في بيت النّبوة وتشرّب من أخلاق النّبي عليه الصّلاة والسّلام ونهل من علمه الشّريف.
عندما أذن الله سبحانه وتعالى للنّبي والمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنوّرة، أعلم النّبي الكريم عليًّا رضي الله عنه بذلك، وقد كلّفه بمهمةٍ جليلة وهي مهمّة البقاء في مكّة المكرّمة لكي يردّ الأمانات التي كانت قريش تحفظها عند الرّسول الكريم إلى أهلها، وعندما تناهى إلى مسامع النّبي الكريم نيّة كفّار قريش قتله أخبر عليًّا بذلك فأبدى استعداده لفداء النّبي والنّوم في فراشه، وعندما همّ كفّار قريش بمحاصرة بيت النّبي للدّخول إليه وقتله وهو نائمًا، حمى الله سبحانه نبيّه فأعمى أبصارهم عن رؤيته، وقد خرج عليه الصّلاة والسّلام وحثى على رؤوسهم التراب إمعانًا في إذلالهم.
بعد أن استيقظ كفّار قريش من غفلتهم دخلوا بيت النّبي الكريم فوجدوا رجلًا نائمًا في فراشه، فأدركوا أنّ النّبي قد نجّاه الله من بين أيديهم وخرج سالمًا، وأنّ من كان في فراشه لم يكن سوى ابن عمّه أسد الإسلام الغالب علي ابن أبي طالب رضي الله عنه .
مسيرة التّضحية والفداءبعد أن أدّى علي رضي الله عنه المهمّة هاجر إلى المدينة المنوّرة فاستكمل رحلة الفداء والتّضيحة والبطولة حتّى شهدت له ساحات الوغى بنزال كثيرٍ من صناديد الكفر وإردائهم صرعى يجرّون أذيال الخيبة والهزيمة في بدر وأحد ويوم الأحزاب وخيبر وغيرها.
المقالات المتعلقة بمن أول فدائي في الإسلام