العلاقات الإنسانية
تعتبر العلاقات الإنسانية واحدة من أهم الأمور التي لا يمكن للإنسان الاستغناء عنها، فالإنسان جُبِلَ على أن يكون اجتماعياً، وعلى أن يعيش ضمن كيانات إنسانية متنوعة، صغيرة كانت كالأسرة، أم كبيرة كالمجتمع، حيث تساعد هذه العلاقات على تأمين الحماية، والاطمئنان للإنسان، بالإضافة إلى أنها تعطيه الاستقرار، والسعادة، والراحة النفسية.
من أهم العلاقات الاجتماعية التي يرتبط بها الإنسان والتي تعتبر من أهم عوامل الاستقرار، والدعم النفسي له هي علاقة الصداقة، حيث يرتبط أي شخصين أو أكثر ببعضهم البعض بغض النظر عن الجنس، أو العرق، أو اللغة، أو الدين، فهي علاقة فطرية، بسيطة، تبقى كذلك إن اجتنبت الأسباب التي قد تشوهها، أو تعكر صفوها. وفيما يلي بعض التفاصيل حول هذه العلاقة.
علاقة الصداقة
يقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ( الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف). يؤكد الرسول الأعظم في هذا الحديث على أن الإنسان قد يميل في تعاملاته اليومية، وعلاقاته المتنوعة إلى صنف معين من الناس، وكأنه –صلى الله عليه وسلم- قد فسر السر الكامن وراء علاقة الصداقة القوية، وغيرها من العلاقات التي تربط الإنسان بأشخاص بعينهم دون الآخرين، مع أن الآخرين قد يفوقونهم ومن عدة أوجه.
علاقة الصداقة النقية الطاهرة لا تتأثر أبداً بالأحقاد المختلفة، أوالتعصبات البغيضة، أوالتفاوتات الطبقية، أوالاختلافات الثقافية، أو الجنسية، أو العرقية، أو اللغوية، أو الدينية، فهي علاقة سامية، غير مبتذلة، ويمكن أن تنقل الإنسان إلى عالم آخر من السمو، والرفعة، والعظمة، خاصة إن كانت توفر الصديق على صفات أخلاقية، وروحية، ودينية، وثقافية عظيمة، فالمرء على دين خليله.
هذا وتعتبر علاقة الصداقة من العلاقات التي إن امتزجت مع أنواع العلاقات الأخرى أضفت عليها طابعاً مميزاً، فصارت بفضلها أطول عمراً حتى لو اختفت الأسباب الشكلية التي قد تبدو للبعض على أنها الأركان التي تقوم عليها مثل هذه العلاقات.
مثلاً، لو تخيلنا أن زوجاً اختار شريكة حياته بناءً على مواصفاتها الجمالية، والجسمانية فقط، عندها وفي أغلب الأحوال سيتخلى عنها بمجرد أن تزول هذه المواصفات، إما مع تقدم العمر، أو إذا تعرضت لحادث قد يفقدها مزاياها الساحرة –على سبيل المثال-. أما لو بني الاختيار أساساً على علاقة روحية سامية، فصار الشريكان مع الزمن صديقين حميمين يسيران معاً عبر أودية الحياة، وسهولها، وجبالها، فلن يتخلى أي واحد منهما عن الآخر مهما حصل، حتى لو ذهب المال، والجمال، والجاه، والمنصب، بل وحتى بعد الوفاة أيضاً.
يمكن القول أن علاقة الصداقة هي الروح الخفية التي تسري في هذا الكون، المبثوثة بين أبناء آدم، وأنها تعتبر من أهم العناصر التي تؤسس نهضة روحية حقيقية لدى الإنسان إن توفرت العوامل الأخرى لذلك.
المقالات المتعلقة بتقرير عن الصداقة