العلاقات الناجحة في الحياة خلق الله تعالى الناس، وجعلهم قادرين على التكاثر إلى أن وصلوا اليوم إلى حوالي سبعة مليارات نسمة، وهذه الأعداد الكبيرة من سكان الكرة الأرضية ما جاءت إلا ليكون الناس قادرين على التكافل والتعاضد في الأفراح والأتراح، وحلّ المشاكل التي تعترضهم؛ فعلاقة الإنسان بمن حوله من الناس ما هي إلا اختبار له، فإن نجح به وأظهر أسمى معاني الإنسانية في تعامله مع الآخرين نال رضوان الله تعالى، أمّا إن فشل به فقد خسر خسراناً مبيناً.
العلاقات الناجحة بين الناس تعمل بشكل رئيسي على جعل الحياة أجمل، كما أنّها تعمل على جعل الأرض مكاناً أفضل للعيش؛ لهذا فإنّ الحروب في العالم تنشأ عن التوترات التي تنشب بين الدول، والتوترات عبارة عن علاقات فاشلة بين أبناء آدم، ومن هنا فكلّما ارتقى الناس في علاقاتهم وتعاملوا مع بعضهم بشكل إنساني دون النظر إلى المحدّدات المختلفة، وعناصر التفرق والتشرذم، كان ذلك أسهل في بناء مجتمعات آمنة مطمئنة، تعيش بسلام وهدوء، ومودّة.
تكوين العلاقات الناجحة - يجب على الإنسان عند التعامل مع الآخرين أن يتقبلهم كما هم؛ فكل إنسان خُلق مختلفاً عن الآخرين، وهذه من حكمة الله في خلقه، فلولا هذا الاختلاف لما احتاج الناس إلى التعارف، ولاكتفى كلٌّ منهم بنفسه، لذا فإنه من الضروري الابتعاد عن النقد السلبي للآخرين، وكأنّ المُنتَقِد شخصية فيها الصفات الكاملة غير المنقوصة.
- يجب أن يُبادر المخطئ بالاعتذار؛ فهذا يدلّ على ثبات في الشخصية وعدم وجود نقص في ثقة الإنسان بنفسه؛ فالإنسان الذي يعتذر عن خطأ اقترفه بحق الآخرين هو إنسان يُخبر الآخرين ضمنياً أنه لا يزال إنساناً، وأنه لا يحاول لعب دور ليس أهلاً له، وهو دور الإنسان الكامل البعيد عن مكامن الخطأ والضعف الإنساني.
- التعامل مع الآخرين بالحب، والأخلاق الحميدة، والرحمة اللامتناهية؛ فهذا يُساعد الآخرين على تقبّل شخصية الإنسان ونفسيته، وعلى مبادلته نفس المشاعر التي يكنّها لهم.
- الاهتمام بالآخرين، والسؤال عنهم باستمرار، وتفقّد أحوالهم بشكل دائم؛ حيث يعمل ذلك على زيادة أواصر التراحم، ومنسوب الخير في المجتمع، وعلى تعاظم مكانة الإنسان في قلوب الآخرين.
- البعد عن التبجح والتكبّر أثناء التعامل والتعاطي مع الآخرين؛ فالمتبجّح من أكثر الشخصيات المكروهة؛ حيث يعمل هذا الإنسان على صنع الحواجز العالية بينه وبين الآخرين وكأنه يعيش في عالم غير العالم الذي يعيشون فيه، ويتنفس غير الهواء الذي يتنفسون منه، وهذه الحواجز المصطنعة تنهدم فقط في حال تواضع الإنسان، ونزل إلى الآخرين، وتَعاطى معهم إنسانياً.