تعلم فن الرد يُواجه الإنسان في حياته مواقف كثيرة، يبرز فيها مواقف من أشخاص، فيها معارضة له، في معظم مجالات الحياة، الثقافية، والفكرية، والسياسية، وغير ذلك وتحتاج هذه المواقف إلى رد مناسب منه، لينتصر للحق الذي فهمه أولاً، ولرأيه الذي يعتقد أنه على حق فيه، وكذلك لإظهار خطأ الموقف المضاد له، وإذا لم يكن صاحب الموقف متمرساً في كيفيّة الرد وفنه، فلن يصل موقفه قوياً للطرف الآخر، بل ربما يسيء للموقف الذي يعتقد أنّه محق فيه، فلا بدّ إذاً من معرفة فن الرد وكيفيته وذلك ضمن عناصر أساسيّة فيه.
عناصر مهمّة في فن الرد
- القناعة بالموقف الذي يريد أن ينتصر له، وذلك بأن يكون مقتنعاً ومعتقداً أنّ موقفه صواب وأنّه محق فيه.
- توفر الأدلة المنطقيّة، والعقليّة السليمة والمقنعة على الموقف الذي يريد أن يرد عليه وينتقده.
- معرفة عناصر الخطأ في الموقف الذي يردُّ عليه، وبدون ذلك يكون ردُّه مجرد نزعة هوى لا يُنظَرُ إليها.
- الموضوعية التامّة، وذلك بأن يكون ردُّه لبيان الحق في رأيه، لا لنزعة شخصيَّة أو فئويَّة.
- الحكمة، وذلك بانتقاء الكلمات المناسبة، وفي الوقت المناسب، والتي فيها وقع وتأثير على الطرف الآخر.
- عدم التعصب للرأي، وإنّما للحق حيثما كان.
- توفر الاستعداد للتنازل عن المواقف التي يظهر بالدليل خطؤه فيها، ففي هذا نزاهة ومصداقيّة تؤثران بشكل كبير في نفسيّة الطرف الآخر واختصار كبير في الجهد والوقت.
- أدب الخطاب والبعد عن التجريح الشخصي بكل صوره، وانصباب النقد على الموقف لا على ذات الشخص.
- الإشادة بالمواقف الايجابية للطرف الآخر والمخالف، وذلك من تمام العدل وقمّة الأدب في الخلاف.
- الاستفادة من تجارب الحياة ودروسها في مواقف مشابهة.
- الاستفادة من مهارات التنمية البشرية، وذلك بمتابعتها في الكتب والمصادر الخاصة بذلك أو في وسائل الإعلام المختلفة، والتي من عناوينها مثلاً: تطوير الذات، وتحييد المعارضة.
- تَوَفُّرُ كافة آداب الحوار كعنصر هام في عملية الرد.
- تنويع الأسلوب في الكلام بحسب الموقف، مع ضرورة الاتصاف بالهدوء والسكينة مع خفض الصوت، وتجنب الصراخ والانفعال الزائد، فهذا لا يعبر بالضرورة عن صحة الموقف، فما يزيد الحق وضوحاً هو الدليل المقنع، وأسلوب إيصاله، فالدليل وحده لا يكفي إن جُرِّدَ من الأسلوب، وكذلك حسن الأسلوب لا يكفي وحده، إن لم يكن هناك دليل واضح ومقنع، فهي علاقة تكامليّة إذاً بين الدليل والأسلوب.
إنّ مجال فن الرد ضروري للفرد وللجماعة كذلك فهناك مواقف فرديّة تحتاج رداً من صاحبها، وهناك مواقف جماعية لجهة لها شخصيَّة اعتباريَّة، كالجماعات والمؤسسات المختلفة، تحتاج رداً مناسباً أيضاً، وكلَّما استند الردُّ على الأدلة الصحيحة، وتوفر أسلوب الرد المناسب، فإن تأثيره يكون أفضل، وأكثر قوة في إحداث التغيير في المواقف المعارضة.