بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد،
إن عقيدة نعيم القبر وعذابه هي عقيدة يقينية قطعية ثابتة بالنصوص الشرعية، ويجب على كل مسلم أن يؤمن بها، وألا يجحد بشيءٍ منها.
لا بد قبل التكلم عن نعيم القبر وعذابه أن نُعَرِّف القبر! فما هو القبر؟! القبر: هو تلك الحفرة الضيقة الصغيرة التي تُحْفر في الأرض، والتي يُحْشر ويُدْفن فيها الموتى من البشر على اختلاف منازلهم، وهذا القبر إما أن يكون لصاحبه روضةً من رياض الجنة، أو يكون حفرةً من حفر النار. ومن أسماء الأخرى للقبر: اللَّحْد.
وقد يَفْهَم البعض من الناس أن نعيم القبر وعذابه إنما هو فقط على أهل القبور الذي دُفِنُوا في تلك الحفر الضيقة، ولكن هذا الفهم خاطئ، إذ أن العذاب في الحقيقة هو عذاب البرزخ، فالإنسان إذا مات دخل في حياة تسمى بالحياة البرزخية، وهي المدة التي تفصل بين الحياة الدنيا والآخرة. وفي هذه المدة يعذب الإنسان أو ينعم، ولا يعني أن الإنسان إذا مات حرقًا أو غرقًا أو أكله سبع أنه لا يعذب أو ينعم لأنه لم يدفن في قبر، فهذا خطأ، فالإنسان يعذب أو ينعم سواءً دفن في قبرٍ أم لم يدفن. وقد نُسَب هذا النعيم أو العذاب إلى القبر، باعتبار أن الغالب على الموتى أنهم يُقْبَرون.
النعيم أو العذاب في القبر يكون على الروح والبدن، وليس فقط على أحد منهما، فالروح تبقى منعمة أو معذبة، وتتصل بالبدن في بعض الأحيان فيتعذب أو يتنعم معها.
وعذاب القبر أو نعيمه يختلف باختلاف الأشخاص، فإذا كان الشخص من أهل الإيمان والصلاح والتقوى فيتنعم في قبره على الدوام فلا ينقطع النعيم عنه، أما إذا كان من أهل الكفر فيتغذب في قبره على الدوام، وأما إذا كان مؤمنًا ولكنه من أهل المعاصي والفجور، فعذابه قد يكون دائمًا، وقد يكون مؤقتًا، وقد يعذب بين تارة وأخرى إلى أن يشاء الله، فيخفف عنه العذاب.
ومن المعاصي التي تكون سببًا في عذاب القبر: الكذب، والزنا، وأكل الربا، وعدم الاستبراء من البول، والغيبة والنميمة.
وصور عذاب القبر ونعيمه تختلف باختلاف أحوال الموتى، فإذا كان الميت من الكفار، سيتعرض لألوان كثيرة من العذاب ومنها: أن تُفْتَح له طاقة من جهنم فيأتيه من ريحها وحرارتها ولهيبها فيتغذب بها. والمؤمنون العصاة يتعرضون للعذاب على حسب معاصيهم، فإذا كان الميت مؤمنًا ولكنه آكل للربا، فقد يعذب بالسباحة في نهر دمٍ كلما حاول الخروج منه ضربه رجل يقف على شط ذلك النهر بالحجارة حتى يعيده مرة أخرى إلى النهر.
أما نعيم القبر فهو ألوان وصور متعددة ولا يكون إلا للمؤمنين وأهل الصلاح والتقوى، ومن صور هذا النعيم: أن يُوَسَّع للمؤمن في قبره مد بصره، وأن تفتح له طاقة من الجنة، فيأتيه من طيبها ونعيمها، فيكون قبره روضةً من رياض الجنة.
المقالات المتعلقة بما هو نعيم القبر وعذابه