كثيرة هي المشاهد التي نراها في مجتمعاتنا و التي يقوم بها المسلمون مستهينين بها غير مكترثين لنتائجها ، فكثيرا ما نرى في مجتمعاتنا من يرمي النفايات من نوافذ السيارات أو من يعبث بالممتلكات العامة أو من يرفع صوت مذياع السيارة لإسماع اكبر قدر ممكن من الناس ما لا يريدون سماعه رغما عنهم و اذا تكلمت معه و نصحته قال لك انها ذنب صغير ، وترى احيانا كثيرة شبانا يجولون الشوارع بسياراتهم و يصولون و كأنهم في سباق محموم و قد يوافيهم من فرط تهورهم اجل محتوم فيبوؤوا بخاتمة فظيعة في صورة شنيعة و العياذ بالله ، و كل هذا المظاهر التي انتشرت في مجتمعانا نتيجة القصور في التربية و البعد عن الأخلاق و الوازع الديني الذي يحثنا دائما على التروي و الأناة و عدم ايذاء الغير فحديث الرسول صلى الله عليه وسلم " اياكم و محقرات الذنوب فإنها تجتمع على الرجل حتى تهلكه " هذا الحديث هو عنوان ينبغي ان يكون ضابط لأفعالنا و أقوالنا و كل شاننا فلا نستهين بالأمور و ان صغرت فلربما صغيرة اتت من مذنب عاصي غفر الله له ذنوبه كلها بسببها فقصة البغي من بغايا بني اسرائيل اذ رأت كلبا عطشانا فخلعت حذائها و سقت له فغفر الله لها هي مثال على ذلك و من ازاح اذى من الطريق فغفر له و كذلك حال من استهان بالذنوب كمن تراه اعتاد الكذب في كلامه و اذا به يقف موقفا يكون الصدق فيه منجاة له فيكذب و يكون فيه هلاكه و من اعتاد ان يرمي القاذورات في الطريق أو ينظر الى المحرمات و غيرها كثير مما يستصغره الناس من الذنوب و في الحديث ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا لتهوى به في نار جهنم .. ) ، اذا ما احوجنا معاشر المسلمين ان نرجع الى ديننا ننهل من معينه الذي يفيض أخلاقا و يفوح عطرا وترياقا فكل أعمالنا مسجلة محفوظة يطلع عليها الرقيب و لا يغيب عنها الحسيب قال تعالى : ( و كل صغير و كبير مستطر ) ...
و إن للتقوى دور مهم في استشعار فداحة الذنب و اجتنابه و الندم على ارتكابه و في الاثر روي عن أحد الصحابة وهو الصحابي الجليل أنس بن مالك – رضي الله عنه - ممن أدرك التابعين و رأى ما أحدثه بعضهم فأنكر ذلك عليهم قائلا : " إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر ، كنا نعدها على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الموبقات " ... وفي الحديث : " إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا " فالتقوى و محلها القلب هي ضابط للفرد و حامية له من ارتكاب الذنوب و عدم الاستهانة بها و إن صغرت ...
حدثني من اثق عن زيارة له الى أوروبا و كيف كان يشاهد الناس هناك حين يصعدون الى وسائل النقل العام و لا يكون رقيبا عليهم في دفع الأجرة الإ انفسهم و ربما اتى المفتش و صعد الى الباص بين فترة وأخرى و لا يتخذون ذلك عادة فالأصل عندهم رقابة الفرد لذاته ، و اذا تجولت في شوارعهم تراها نظيفة منظمة اذا اصطفوا على طابور انتظار رايتهم منتظمين لا يعتدي احدهم على دور الآخر و لسنا هنا في معرض الدفاع عنهم و الافتخار بحضارتهم فعندهم من الآفات الأخلاقية و الجرائم الاجتماعية ما يندى له الجبين بل هي رسالة تذكير بأننا معاشر المسلمين أحق بالنظام و الرقي منهم فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها ... فالحذر الحذر اخواني و أخواتي ان نستهين بالذنوب وإن صغرت ، فالكأس حين تملؤها بالماء لا تستطيع أن تملأها مرة اخرى فكذلك القلب هو وعاء اذا ملأته بالخير نفث الخبث و اذا ملأته بالشر و الذنوب صعب عليك ملؤه بالخير و الطاعة قال تعالى :( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) ، وفقنا الله وإياكم لفعل الخير و التزام الطاعات و الابتعاد عن المنكرات و الى لقاء آخر بموضوع جديد بإذن الله .
المقالات المتعلقة بإياكم و محقرات الذنوب