منذ القدم لاحظ الإنسان بأنّ الطيور في بعض المناطق الباردة تختفي، فكان يعتقد بأنّها تنام طوال فصل الشتاء، إلى أن تعرّف على معلومة أخرى ألا وهي أنّ هذه الطيور تهاجر خلال فصل الشتاء من المناطق الباردة في شمال قارة أوروبا وأمريكا الشماليّة إلى مناطق جنوب خط الاستواء؛ كجنوب أفريقيا طلباً للدفء.
هجرة الطيور هي عبارة عن هجرة موسميّة تحدث كلّ عامٍ بنفس الموعد، وتكون هجرتها على شكل أسرابٍ تتألّف من أعدادٍ كبيرةٍ من الطيور. لهجرة الطيور موسمين ثابتين: الأوّل في فصل الخريف، والثاني في فصل الربيع.
أسباب هجرة الطيورتُهاجر أسراب كبيرة من الطيور من شمال أوروبا وأمريكا الشمالية منذ بداية فصل الشتاء متجهةً إلى النصف الجنوبي من الكرة الأرضية جنوب خط الاستواء الى مناطق جنوب أفريقيا كما ذكرنا؛ حيث يتوفّر لها الدفء، وتسلك هذه الطيور الطريق نفسها؛ إذ تعود مرّةً أخرى إلى موطنها الأصلي سالكةً نفس الطريق.
إنّ المسافات التي تقطعها أسراب هذه الطيور من شمال الكرة الارضية إلى جنوبها بتضاريسها المختلفة من جبال، وأودية، وسهول، وغابات، وأنهار، وعودتها إلى موطنها الأصلي سالكةً نفس هذه الطرق والمسارب.
حاول العلماء التعرّف على الأسباب التي تؤدّي إلى هذه الظاهرة، فلا يمكن أن تكون برودة الجو هي السبب الوحيد في هذه الهجرات بل توجد أسباب أخرى؛ يقول المتخصّصون بأنّ قصر النهار خلال فصل الشتاء في النصف الشمالي من الأرض لا يُمكّن هذه الطيور من تجميع قوّتها، في الوقت الذي يكون فيه النهار أطول في النصف الجنوبيّ من الكرة الأرضية هو سبب آخر، كما أنّ توفّر الغذاء من حشراتٍ وحبوبٍ وغيرها في ربيع النصف الجنوبي من الكرة الأرضية يكون أكثر.
تعرّف الطيور على موطنها الأصلياختلف العلماء في تفسير كيفيّة مقدرة هذه الطيور في التعّرف على موطنها الأصلي؛ لا بل والعودة إلى أعشاشها أيضاً، فالبعض قالوا بأنّ الطيور الأكبر عمراً هي التي تقود باقي الأسراب في رحلة العودة، والبعض قالوا إنّ الطيور تتعرف على موطنها الأصلي من خلال الشمس والنجوم، وآخر النظريات التي فسرت هذه الظاهرة هي وجود خلايا أو نسيج صغير جداً في مخّ الطائر له القدرة على تحديد المجال المغناطيسي للأرض، ويزداد هذا المجال كلّما اقتربت من القطبين الشمالي أو الجنوبي، وهذه النظريات هي الأكثر قبولاً، وانسجاماً مع العقل، لأنّه لا بد أن يكون الأمر عبارةً عن سلوك تكتسبه هذه الطيور، بل يجب أن تكون هناك خاصية مخلوقة لدى هذه الطيورتُمكّنها من تحديد اتجاه حركتها ذهاباً، وإياباً.
تَقطع هذه الطيور مسافاتٍ طويلة جداً، وتمرّ في مناطق جافة ممّا يعرضها للهلاك، وموت أعداد كبيرة منها جوعاً، أو عطشاً، لذا قامت الكثير من المؤسسات التي تهتمّ بالبيئة وبعض الجمعيات بإنشاء المحميات في المناطق الواقعة على طريق هجرة هذه الطيور خاصّةً في المناطق الجافة، وجزء من أهدافها توفير محطات استراحة لهذه الطيور، وتوفير الماء، والغذاء لها، فتنزل هذه الطيور في هذه المحميّات، فترتاح لبعض الوقت وتُكمل رحلتها .
المقالات المتعلقة بإلى أين تهاجر الطيور عندما يبرد الجو