منحنا الله سبحانه وتعالى نعماً عديدةً ومتنوعةً، ولعلَّ النعمة الأعظم التي وهبنا الله تعالى إيَّاها هي نعمة الحياة والوجود؛ حيث تُشكِّل هذه النعمة الحاضنة والبوتقة التي يتمُّ فيها صهر كافَّة النعم الأخرى، بالإضافة إلى الأنشطة المتنوّعة التي يقوم الإنسان بها باستمرار؛ بحيث تُؤتي هذه النعم والأنشطة أُكُلَها في نهاية المطاف، فكلُّ يومٍ جديدٍ تشرق فيه الشمس علينا يعتبر فرصةً جديدةً ينبغي استثمارها لتحسين الأحوال إلى الأفضل، فحياتنا على هذه الأرض محكومةٌ بالزمان، ومُحدَّدةٌ بوقتٍ مُعيَّن، من هنا فقد اكتسب الوقت أهميَّةً كبرى عند الإنسان بشكلٍ عامٍّ نظراً إلى فرط حساسيته، وندرته، فهو كالذهب على الأرض؛ إذ إنَّ الدقيقة التي تمضي لا تعودُ نهائياً. وفيما يلي بعض النقاط التي تُعبِّر عن أهمية الوقت.
أهمية الوقت - الأهميّة الأولى للوقت هي في أنَّ الوقت هو الّذي يُمَكِّننا من القيام بأعمالنا وأنشطتنا المختلفة والمتنوّعة؛ فالوقت هو التجسيد العمليُّ والفعليُّ لنعمة الحياة التي منَّ الله تعالى بها علينا؛ حيث إنَّ استغلال الوقت يجعلنا قادرين على المُضيِّ قُدُماً في درب الحياة، كما ويَجعلنا قادرين على اكتساب المهارات الجديدة المتنوِّعة والمتعدِّدة، التي إن تسلَّحنا بها جيِّداً أمكننا فعل معاجز حقيقية.
- الاستغلال الأمثل للوقت دون أن يطغى جانبٌ على جانبٍ آخر من شأنه أن يجعلنا نشعر بالتوازن بين الجوانب المتعدِّدة التي تتشكَّل منها شخصياتنا وحيواتنا. ولعلَّ من أبرز هذه الجوانب التي ينبغي العناية بها وإعطاؤها حقَّها من الوقت الجانب الروحي، والجانب الصحي، والجانب النفسي، والجانب العملي، والجانب العلمي (الفكري)، والجانب العاطفي، وجانب الترفيه والاستمتاع بمباهج الحياة، والعديد من الجوانب الأخرى.
- إنَّ الوقت وبما يُمثِّله من قيمةٍ كبيرةٍ جدّاً في حياة الإنسان، يجعل الإنسان –إن أحسن استغلاله- ناجحاً في الحياة، وقادراً على الشعور بإحساس التفاؤل، والإنجاز، والجدِّ، والعمل، الأمر الذي يلزمه على أن يُكمل مسيرته في هذه الحياة بشكلٍ ناجحٍ كما بدأ. أمّا إن أساء الإنسان التعامل مع الوقت، فإنه سيصبح بالضرورة نقمةً ووبالاً عليه، وسيكون هذا الإنسان فاشلاً فشلاً ذريعاُ في حياته، إضافةً إلى أنَّه سيكون من أصحاب العقليَّات المعطَّلة، والنفسيَّات المحبطة المُحطَّمة.
من أبرز المشاكل التي تعاني منها الأمَّة العربيَّة في يومنا هذا هي تلاشي قيمة الوقت من حياة النَّاس؛ فجميع العرب -إلّا من رحِمَ ربِّي- تسودُ بينهم مظاهر تدلُّ على عدم مبالاتهم بهذه القيمة العظيمة، ومن أبرز هذه المظاهر السلبيّة عدم صدقهم في مواعيدهم، وعدم تقديرهم لأوقات بعضهم البعض، وسوء تدبيرهم وتنظيمهم لأوقاتهم، والعديد من الأمور الأخرى.