خلق الله عزّ وجلّ الإنسان وكرَّمه، إذ جعله أعلى المخلوقاتِ منزلةً على الأرض، كما في قوله جلّ وعلا: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).[١] ومن أبرز مظاهر تكريم الله عزّ وجلّ للإنسان أن منحه العقل ؛ وهو الأداة التي يستخدمها الإنسان كي يُفكّر ويتفكّر ويتميّز عن باقي المخلوقات ليُحقّق الغاية من خلقِه ألا وهي إعمار الأرض ضمن شريعة الله سبحانه وتعالى، لكنّ الإنسان لا يستطيع تحقيق هذه الغاية بمفرده، بل هو بحاجة إلى أفراد آخرين يُعينونه ويساندونه، لذا أنعم الله على البشريّة أنّه لم يجعل كلّ فرد فيها بمعزلٍ عن الآخرين، بل جعلهم يعيشون ضمن جماعات لكل فردٍ فيها مجموعة من الحقوق أهمّها الحريّة.
معنى الحريّةالحُرِّيَة في اللّغة العربيّة مصدرها الحُر، والحُر هو من يعلو على سفاسف الأمور ويتمسك بمعاليها، وتعني الحالة التي يكون عليها الكائن الحيّ الذي لا يخضع لقهرٍ أو قيدٍ أو غلبةٍ، ويتصرّف طبقاً لإرادته وطبيعته. كما تُعرَف باتّخاذ القرار دون وجود سلطة أو جهة تُعيق هذه العمليّة بفرض ما هو مُغاير بهدف التحرّر من القيود الماديّة والمعنويّة، والتخلّص من التبعيّة للأفراد والجماعات.
هناك ما يُسمّى بالحريّة السّالبة والحريّة الموجبة؛ فالحريّة السّالبة هي عمليّة اتّخاذ القرار دون وجود موانع، أما الحريّة الموجبة فهي توظيف الإمكانات المُتاحة لاستخدام الحرية السّالبة. فعلى سبيل المثال، حريّة التّعبير هي حرية سالبة، واستخدام الإعلام للتّعبير عن الرّأي حريّة موجبة.
كما أنّ هناك حريّة فرديّة وحريّة جماعيّة؛ فالحريّة الفرديّة هي اتّخاذ قرار والتّعبير عن وجهات النّظر المُتعلّقة بأمور شخصيّة؛ كالمسكن والمَلبس والعمل والتخصّص الجامعيّ، أمّا الحريّة الجماعيّة فهي حريّة التصرّف في أمور مُتعلّقة بمجموعة من الأفراد مثل الأمور الاقتصاديّة والسياسيّة والدينيّة.[٢][٣]
أهميّة الحريّة في حياة الإنسانيبحث الإنسان عن حريّته في كافّة مناحي الحياة؛ فهو يبحث عنها نفسيّاً بمواجهة العواقب والمخاوف والقلق والصّعوبات، ودينيّاً ببراءة الذّمة، واجتماعيّاً بإزالة السّلطة والموانع التي يفرضها عليه المُجتمع المُحيط، وفلسفيّاً بالتخلّص من كلّ ما يحرمه من حريّته، واتّخاذ قراراته، وتقدير اختياراته، وحقوقيّاً برفض سطلة القويّ على الضّعيف وسلبه لحقوقه.[٤][٥]
تظهر أهميّة الحريّة في حياتنا في عدّة نقاط:[٤][٥]
جاء الإسلام بالتّوحيد والذي هو أساس الحريّة والتحررّ من العبوديّة، حيث أخرج الخلق من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، وأعتقهم من الخضوع للعادات والأفكار الجاهليّة المُتأصّلة منذ زمن الآباء والأجداد. وعدّ الإسلام الاستعباد بمثابة الموت والعتق من العبودية بمثابة الإحياء، لذلك جعل كفّارة القتل الخطأ هو تحرير رقبة؛ ليُخرِج به نفساً من عداد الأموات إلى عداد الأحياء، قال تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).[٦]
ومع استمرار نزول الوحي أصبح العتق وسيلةً للتّكفير عن الخطايا والذّنوب، ممّا أدّى إلى تجفيف روافد الرِّق ومنع تزايد هذه الظاهرة. وبإقراره مبدأً الشّورى الذي ساهم فيه الفرد بصناعة مُستقبل الدّولة الإسلاميّة وقرارها تمّ ترسيخ مبادئ حريّة التّعبير عن الرّأي.[٧]
خطوات تطبيق الحريّةيتمّ تطبيق الحرّية كالآتي:[٥]
المقالات المتعلقة بأهمية الحرية في حياة الإنسان