منذ أن أُمر النّبي صلى الله عليه وسلم بنشر الدَّعوة الإسلاميّة، لم يترك مكاناً أو مناسبةً يتجمّع بها النَّاس إلا وسعى إليهم عارضاً عليهم دعوته، وخاصّة في موسم الحجّ وأيام أسواق العرب؛ فيعرض الإسلام على القبائل الوافدة من كافّة أنحاء شبه الجزيرة العربيّة؛ فمنهم من كفر وصدّ ومنهم من آمن.
كان من بين الذين آمنوا أهل يثرب المتمثلون في قبيلتي الأوس والخزرج، وكان أوّل من آمن ستة أشخاص كلُّهم من الخزرج، وحملوا الدِّين الجديد إلى أهلهم في يثرب.
في يثرب تهافت النَّاس على اعتناق الإسلام، خاصّة وأنَّهم كانوا على عِلمٍ بقرب ظهور نبيٍّ للبشرية من جيرانهم اليهود، وتلا ذلك بيعتا العقبة الأولى والثَّانية التي وفد بها الأوس والخزرج على النَّبي صلى الله عليه وسلم في مكّة.
هجرة المسلمين إلى المدينةبعد بيعة العقبة الثَّانية أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة خاصّةً بعد أنْ تعهد الأوس والخزرج بالنُّصرة؛ فكانت المدينة هي المكان الآمن في شبه الجزيرة العربيّة، حيث بدأ المسلمون بالخروج نحوها سراً وخُفيةً عن أعين قُريشٍ، وأوّل من هاجر أبو سلمة المخزوميّ رضي الله عنه، حتى هاجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فهاجر علانيةً ولم يجرأ أحدٌ من قريشٍ على اعتراض طريقه.
بتوالي الأعوام هاجر جميع المسلمين إلى المدينة ما عدا الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ، وعلي بن أبي طالب، وصهيب الرُّوميّ، وزيد بن حارثة، وعددٌ من المستصعفين رضي الله عنهم أجمعين.
أسباب هجرة النّبي إلى المدينةكان النّبي صلى الله عليه وسلم ينتظر الأمر الإلهيّ له بالهجرة، وحان هذا الأمر عندما اجتمع زعماء قريشٍ في دار النَّدوة للتَّشاور بشأن ما يفعلونه بصاحب الدَّعوة، وخاصةً أنّه وأصحابه وجدوا عند أهل المدينة النُّصرة والتَّمكين؛ فطرحوا العديد من الحلول كالطَّرد من مكّة، أو الحبس والسَّجن، إلى أنْ جاء أبو جهلٍ بفكرته وهي قتل النّبي صلى الله عليه وسلم.
اقترح أبو جهل قتل النَّبي صلى الله عليه وسلم بواسطة عددٍ من شباب القبائل؛ بحيث يتم اختيار شابٍّ من كُلِّ قبيلة يشاركون جميعهم في جريمة القتل، وعندما يتم الإعلان عن مقتله يصعب على أهله- بنو عبد مناف- تحديد القاتل؛ فيرضون بالدِّية.
بدأت قريش تُعدُّ العدّة لجريمتها النَّكراء؛ لكن تدبير الله سبحانه كان لهم بالمرصاد؛ فنزل جبريلٌ عليه السَّلام على النَّبي صلى الله عليه وسلم يُخبره بتآمر قريشٍ على قتله، وأنّ المولى أَذِن له بالهجرة إلى المدينة، وحددّ له زمن الخروج، وكيفيّة الرَّد على مخطط قريشٍ، ثم أعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر العدة للهجرة، وترك علي بن أبي طالب نائماً في فراشه.
المقالات المتعلقة بأسباب هجرة الرسول إلى المدينة المنورة