هو الشاعر عمرو بن العبد، وطرفة لقبٌ أطلق عليه، ولد في البحرين عام 543م، وينتمي إلى عائلةٍ عُرفت بكثرة شعرائها، وكان في صغره عاكفاً على حياة اللهو، حيث كان مخامراً ينفق ماله على الخمر، وقد كانت له مكانةٌ عاليةٌ عند قومه جعلته جريئاً على الهجاء، ولكن موت أبويه جعله مظلوماً، حيث رفض أعمامه أن يقسموا له مال أبيه، وظلموه ممّا جعله يخرج عنهم، ويتركهم، وعندما اشتدّ عليه التمرد عاد إلى قبيلته، وأصبح يرعى إبل أخيه معبد التي ما لبث إلى أن سُرقت منه، وقصد بعدها ابن عمه مالك الذي نهره، لذلك عاد مجدداً إلى الغزو.
شعر طرفة بن العبدلم يكن لطرفة ذلك الرصيد من الشعر بسبب فترة حياته القصيرة التي عاشها، ولكنه كان مليئاً بذكر الأحداث، كما أنّه يعكس أفكاره، وخواطره عن الحياة والموت، وأهمّ ما يبرز في شعره دعوته إلى قطف ثمار اللذة الجسديّة، والمعنويّة قبل فوات العمر، وترك طرفة ديواناً شعريّاً كان أشهر ما فيه المعلقة، كما يحتوي على 657 بيتاً شعريّاً، والمعلقة البالغ عدد أبياتها 104 أبيات المنظومة على البحر الطويل، ومن أشهر موضوعات المعلقة:
ذهب طرفة إلى الملك عمرو بن هند في بلاط الحيرة، وكان هناك أيضاً خاله المتلمس (جرير بن عبد المسيح)، حيث كان طرفة في صباه شاباً معجباً بنفسه، يختال في مشيته، فمشى تلك المشية مرةً بين يدي الملك عمرو بن هند الذي جعله ينظر إليه نظرةً قويّة شريرة، وكان خاله حاضراً، فلما قاموا من الجلسة قال المتلمس لطرفة: (يا طرفة إنّي أخاف عليك من نظرته إليك). فردّ عليه طرفة قائلاً: كلا...، وبعد ذلك كتب الملك عمرو بن هند لكلٍّ من طرفة والمتلمس كتباً، وبعثه مع عامله في البحرين، وعُمان اسمه المكعبر، وكانا يسران في أرضٍ قريبةٍ من الحيرة، وتبادلا هناك الحديث مع شيخٍ في تلك المنطقة، ونبهه الشيخ المتلمس إلى فحوى الرسالة، وكان حينها المتلمس لا يعرف القراءة، ولذلك استدعى غلاماً من أهل الحيرة ليقرأ كتاب الملك له، فقرأ فيها: (باسمك اللهمّ... من عمرو بن هند إلى المكعبر،إذا أتاك كتابي هذا من المتلمس فاقطع يديه، ورجليه، وادفنه حيّاً)، مما جعل المتلمس يلقي الكتاب في النهر، ثمّ دعا طرفة أن يطلع على فحوى الرسالة التي يحملها، ولكنه لم يفعل وسار حتّى قدم عامل البحرين، وأعطاه الرسالة، فلما قرأ المكعبر ما جاء في الرسالة طلب من طرفة الهرب، وذلك لما بينه وبين الشاعر من نسب، ولكنه رفض، وحبسه الوالي، وكتب إلى عمرو بن هند قائلاً: (ابعث إلى عملك من تريد، فإني غير قاتله)، فبعث ملك الحيرة رجلاً من تغلب، وأُخذ طرفة إليه فقال له: (إني قاتلك لا محالة، فاختر لنفسك ميتةً تهواها)، فردّ عليه طرفة وقال له: ( إن كان ولا بدّ من ذلك فاسقني الخمر، وأفصدني)، ففعل ذلك، ومات طرفة عن عمر 26 عاماً، ولذلك سمي بالغلام القتيل.
المقالات المتعلقة بنبذة عن طرفة بن العبد