الجاحظ هو عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي، عربيّ النسب من كنانة، ولقّب بالجاحظ لنتوء عينيه، وكان يكنّى بأبي عثمان. ولد الجاحظ عام 150 هجري في البصرة، وتوفّي عام 255 هجري بعد أن تجاوز الثمانين من عمره؛ حيث إنّه أصيب بالفالج، والنقرس، فعاد بذلك من بغداد إلى البصرة الّتي قد نشأ فيها، وعكف على التأليف، وتردّد عليه طلاب العلم والأدب، فأخذوا عنه، وبقي كذلك منكبّاً على التأليف إلى أن توفّي، وقيل بأنّ سبب وفاته كان وقوع كتبه عليه، لكن البعض يقول إنّ وفاته لم تكن سوى نتيجة مرضه.
نشأ الجاحظ نشأة فقيرة، فقد كان يبيع الخبز والسمك في صباه. توفّي والد الجاحظ وهو صغير، فكفلته أمه. كانت البصرة موئلاً للأدب والعلم آنذاك، فتأثّر الجاحظ بتلك البيئة الأدبية والعلمية، وأقبل ينهل من مصادر الأدب والعلم منذ الصغر، ودرس في أحد كتاتيب البصرة، وتردّد على سوق المربد، يسمع من أهل الأدب والشعر، وتردّد على حلقات الدرس في المسجد الجامع.
إنّ أشهر من أخذ عنهم الجاحظ: الأصمعي، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، والأخفش. كان الجاحظ مولعاً بقراءة الكتب، وكثيراً ما كان يذهب إلى الوراقين، ويقضي عندهم ساعات من وقته وهو يقرأ، ولمّا شعر بأنّه قد ملك ثقافةً واسعة، اتّجه نحو التأليف، ولكنه كان ينسب كتبه التي يضعها إلى كاتب مشهور كابن المقفّع أو سهل بن هارون، فإذا ما راجت تلك الكتب تبنّاها الجاحظ، وأعلن أنّها من صنعه، حتى وقع أحد كتبه بيد الخليفة المأمون، فأعجبه، واستقدم صاحبه وولاه ديوان الرسائل، ولكنه لم يمكث فيه سوى ثلاثة أيام.
اتّصل الجاحظ بعدد من أقطاب الأدب والسياسة في بغداد، ومن أشهرهم: محمد بن عبد الملك، والقاضي أحمد بن أبي دؤاد، والفتح بن خاقان، وغيرهم. قام الجاحظ بإهداء كتبه التي ألّفها لعدد من هؤلاء، مثل: كتابه بعنوان (الحيوان) لابن الزيات، وكتاب (البيان والتبيين) لابن أبي داؤد، وكتاب (مناقب الترك وعامة جند الخلافة) لابن خاقان، وكان يتلقّى في كلّ مرة مكافئة على ذلك، حتى انتهت حياته الفقيرة وأصبح ذا سعة في الرزق.
من مميّزات الجاحظ الكتابيّة: كانت كتاباته تواكب موضوعات عصره؛ فقد كتب في الإنسان، والنبات، والحيوان، وفي أمور مجتمعه وفئاته، وفي الفرق الإسلامية وغير الإسلاميّة. كما كان يميل إلى أسلوب الجدل والمناقشة والحوار، واستشهد بكثير من آيات القرآن، والحديث، والشعر، وكان يمزج بين الجد والهزل، إضافةً إلى ابتعاده عن أسلوب التكلّف والصنعة.
المقالات المتعلقة بكيف توفي الجاحظ