مي أديبة وكاتبة فلسطينيّة لبنانيّة، ولدت في مدينة الناصرة في الحادي عشر من شباط عام ألفٍ وثمانمئةٍ وستة وثمانين، تلقت تعليمها الابتدائي في الناصرة، وأكملت تعليمها الثانوي في عينطورة في لبنان.
انتقلت مع أسرتها للعيش في القاهرة عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعة، وأكملت تعليمها هناك، حيث أتقنت مي العديد من اللغات إضافةً للعربيّة ومنها الإنجليزيّة، والفرنسيّة، والألمانيّة، والإيطاليّة، واللاتينيّة، والسريانيّة، واليونانيّة. بعد تخرجها من كليّة الآداب عملت في مهنة التدريس للغتين الإنجليزيّة والفرنسيّة، وهي تتابع دراستها لباقي اللغات التي أتقنتها لاحقاً في الوقت ذاته.
تابعت مي دراساتها في الأدب العربي والفلسفة والتاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة، ولها العديد من المقالات الأدبيّة والاجتماعيّة والنقديّة التي تم نشرها في العديد من الصحف والمجلّات العريقة منذ فترة صباها لتلفت بها الأنظار إليها، تميزت مي بجمال لغتها وسعة أفقها ودقة شعورها.
توفيت مي عن عمر يناهز الخامسة والخمسين عاماً في مدينة القاهرة، رثاها الكثيرون من الأدباء والكتّاب من بينهم هدى شعراوي وأمين الريحاني الذي نشر مقالةً في رثائها تحت عنوان (انطفأت مي)، وبالرغم من شهرة مي وكثرة محبيها إلا أنه لم يخرج في جنازتها سوى ثلاثة من الأوفياء حقاً وهم أنطوان الجميل، وأحمد لطفي السيّد، وخليل مطران. من أهمّ أعمال مي (إيزيس كوبيا)، و(باحثة البادية)، والعديد من الأبحاث والمقالات بعدة لغات.
جبران خليل جبرانجبران هو رسام وشاعر وكاتب لبناني من شعراء وأدباء المهجر، ولد في السادس من كانون الثاني عام ألفٍ وثمانمئةٍ وثلاثة وثمانين في بلدة بشري إلى الشمال من لبنان، وهاجر مبكراً إلى الولايات المتحدة الأميركيّة برفقة عائلته، وتلقى هناك دروسه بالفن وكان بداية مشواره الأدبي.
كان جبران من أسرةٍ فقيرة والسبب كسل والده وانصرافه للعب القمار والسكر، الأمر الذي أدى إلى عدم تمكن جبران من الذهاب إلى المدرسة، لكنّ كاهن القرية الأب جرمانوس كان يأتي لمنزله ويعلمه العربيّة والسريانيّة إضافةً إلى الإنجيل، وقد لقنه مبادئ القراءة والكتابة الطبيب الشاعر سليم الضاهر، الأمر الذي فتح أمامه مجال الأدب والمطالعة والتعرّف على العلوم الأخرى والتاريخ.
أقام جبران مع عائلته في المهجر، وبدأت والدته كاميليا العمل كخياطةٍ متجولة، اما أخوه بطرس فقد فتح متجراً صغيراً، والتحق جبران بمقاعد الدراسة إضافةً إلى التحاقه بمدرسةٍ للفنون قريبة لمنزله، ومن هنا بدأت مواهبه الفنيّة والأدبيّة بالنمو ولاقى التشجيع والدعم من أساتذته.
من أهم من دعمه فريد هولاند داي الذي لامس الإبداع في روح جبران بعد اطلاعه على محاولاته، حيث كان يعيره الكتب التي أثرت روح جبران والتي لها الأثر الكبير في توجهاته الفكريّة والفنيّة والروحيّة، وقام فريد باستخدام بعض من رسومات جبران لأغلفة كتبه التي قامت بنشرها دار كويلا أند داي.
أسس جبران الرابطة القلميّة مع عدد من مثقفي المهجر وهم ميخائيل نعيمة، ونسيب عريضة، وعبد المسيح حداد، بهدف تجديد الأدب العربي وإخراجه من وحل المستنقع الآسن. توفي جبران عن عمرٍ ناهز الثامنة والأربعين عاماً في مدينة نيويورك بسبب السل وتليّف الكبد، ودفن في لبنان كما كان يتمنى، في صومعة قديمة عرفت لاحقاً باسم (متحف جبران).
مي زيادة وجبرانكانت تربط بين مي زيادة وجبران خليل جبران علاقة قويّة امتدت لأعوام طويلة لم يلتقيا خلالها أبداً، وعلى الرغم من المسافات الشاسعة التي كانت تفصلهما وعدم اللقاء، إلا أنه كان بينهما لغة عالية من التفاهم والصداقة والحب، واستمرت مراسلاتهما لمدة عشرين عاماً دون انقطاع حتى وفاة جبران في مدينة نيويورك، وقد جمعهما عملٌ أدبي واحد هو كتاب (بين المدّ والجزر) من تأليف مي ورسومات جبران.
تنعتبر العلاقة ما بين جبران خليل جبران ومي زيادة امتداداً للحب العذري الذي جمع قيس بليلى وجميل ببثينه، ووصفت علاقتهما بالحبّ السماوي الذي وحّد قلب الأديبين مي زيادة وجبران خليل جبران برغم عدم اللقاء أبداً، وكانت تلك الرسائل المتبادلة بينهما هي مواثيق حبً نقيً فريد، وللأسف فإن الكثير من رسائل مي لجبران قد اختفت، ويعتقد بأنه تمّت سرقتها من قبل امرأةٍ لبنانيّة أخرى أرادت احتكار ذكرى جبران لنفسها ناكرةً بهذا الوجود العميق لمي في حياته، أما رسائل جبران لمي فهي كاملة.
من الجدير بالذكر أنّ مي زيادة عاشت عمرها محبةً لرجلٍ واحد هو جبران وماتت وهي ترتبط به روحيّاً برغم كثرة عدد عشاقها. ومن هنا نعلم بأنّ الحب العظيم الذي شدّ جبران لمي وشغف مي لجبران حبٌ من نوعٍ فريد يكاد يكون صوفيّاً لتخطيه حدود المكان والزمان والحواس، إلى عالمٍ آخر تتحد فيه قوّة الوجود.
المقالات المتعلقة بمي زيادة وجبران