كتاب المناظر من الكتب التي ألفت في مجال البصريات والفيزياء والرياضيات وعلم النفس، ويتكون من سبعة مجلداتٍ، وقد صُنف هذا الكتاب مع كتاب إسحاق نيوتن (فلسفة المبادئ الرياضية الطبيعية) كأكثر الكُتب التي تركت أثراً واضحاً في مسار علم الفيزياء وأكبر عاملٍ أدى لتطوير علم البصريات والإدراك البصري، ويحتوي هذا الكتاب على نقاشاتٍ وبحوثٍ حول سيكولوجيا إبصار الأشياء والأوهام البصرية والسيكولوجيا التجريبية، كما وصف القمرة أو الغرفة القاتمة أو الغرفة المظلمة بشكلٍ دقيقٍ، مما أدى إلى اختراع الكاميرا الحديثة، وقد قدم الكتاب أيضاً تحسيناتٍ مهمةٍ في جراحة العيون، وشرح كيف تتم عملية الإبصار، وأثر ذلك في عملية تطوير التلسكوب.
مؤلف كتاب المناظرهو العالم المسلم أبو علي الحسن بن الحسن بن الهيثم، الذي ولد في البصرة سنة 354هـ/965م وإليها نسِب بالبصري، واختلف المؤرخون في كونه عربياً أم فارسياً، وقد بدأ بطلب العلم في الفترة التي عاش فيها في البصرة فقرأ الكثير من الكتب في العقيدة الإسلامية، ثمّ انتقل إلى القاهرة في مصر وفيها عاش معظم حياته، وأثناء وجوده في القاهرة ذكر أنّه بمعرفته بعلم الرياضيات يمكن له التحكم بفيضانات النيل، فأمره الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله بتنفيذ أفكاره، ولكن ابن الهيثم صدِم باستحالة تطبيق أفكاره على أرض الواقع، فعدل عنها، وخوفاً على حياته من بطش الحاكم ادعى الجنون، فأجبِر على الإقامة في منزله، فاستغل هذه الإقامة الجبرية في التفرّغ للعلم، حيث ارتبط بالجامع الأزهر الذي كان يعد جامعة المدينة، وبعد انتهاء إقامته الجبرية كتب عشرات الأطروحات في الفيزياء، والفلك، والرياضيات، وبقي في مصر حتّى عام 428 هـ/1038م ثمّ سافر بعد ذلك إلى الأندلس، وهناك استمر في مساعيه العلمية والتي شملت البصريات، والرياضيات، والفيزياء، والطب، وقام ببعض التجارب العلمية، وكتب العديد من الكتب في تلك الموضوعات.
عُرِف ابن الهيثم عند الغرب باسم الهَزَن (alhazen)، ولقّبوه ببطليموس الثاني أيضاً والتي تكتب باللاتينية (ptolemaeus secundus) كما اشتهر بلقب الفيزيائي في أوروبا في فترة القرون الوسطى، وقد تمّ إطلاق اسمه على إحدى الفجوات البركانية على سطح القمر تكريماً له ولإنجازاته، وتمّ إطلاق اسمه على أحد الكويكبات التي اكتشفت مؤخراً في 7 فبراير 1999م، وفي باكستان تمّ تكريمه بإطلاق اسمه على كرسي طب العيون في جامعة آغاخان.
يعد كتاب المناظر من أشهر أعمال ابن الهيثم، فقد ألفه بين عامي 401 هـ/1011م – 411 هـ/1021م وقد ترجم الكتاب إلى اللاتينية، كما أنّه كتب مقالة في التحليل والتركيب، وكتاب ميزان الحكمة، وكتاب تصويبات على المجسطي، ومقالة في المكان، وكتاب التحديد الدقيق للقطب، ورسالة في الشفق، وكيفية حساب اتجاه القبلة، والمزولة الأفقية.
المقالات المتعلقة بمن هو صاحب كتاب المناظر