من هم كليلة ودمنة

من هم كليلة ودمنة

كليلة ودمنة أو بلغتها الأصل الفصول الخمسة أو (بنجا تنترا) و (بالسنسكريتية : पञ्चतन्त्र)، هي قصص على لسان الحيوانات لأخذ العبر، وكما تقول الروايات فإن تدوين كليلة ودمنة بدأ عندما أراد ملك الفرس كسرَي آنوشروان (531 - 579 م) الاطّلاع عليه، فبعث كسرى بالطبيب برزويه إلى الهند لإتمام هذه المهمّة، وقام هذا الأخير بها، وأضاف للفصول الخمسة حكايا هنديّة أخرى، وأخذ بعضها من كتاب مهاباراتا المشهور، وهو أحد أهمّ كتابين؛ حيث يمثّلان معاً الميثولوجيا الهندوسية.

بدأت نسخة برزويه ببابين: الأوّل باسم: باب بعثة كسرى لبرزويه إلى بلاد الهند. والباب الثاني: باب برزويه؛ حيث ذكر بالأوّل كيف وصل خبر كليلة ودمنة إلى كسرى فقرّر ابتعاثه لجمعه وترجمته، ثمّ بالباب الثاني ذكر سيرة حياته

وفي منتصف القرن الثامن تمّت ترجمة الكتاب من اللغة الفهلويّة إلى العربية، وتم هذا في العراق فأُدرج فيه بابٌ جديد بعنوان (الفحص عن أمر دمنة)، وأُلحقت به أربعةُ فصول جديدة لم تكن ضمن الأصل الفارسي، ومن ترجمه هو الأديب عبد الله بن المقفَّع.

الحكمة على لسان الحيوانات تتجلّى في هذا الكتاب الّذي مضت عليه أزمانٌ وقرون، ولم يعفِ عليه الزّمان، ويروي القصص عندما يطلب الملك دبشليم ملك الهند من وزيره بيدبا الحكيم أن يضرب له مثلاً ما، فيسأل الملك دبشليم : (اضرب لي مثلاً...)، ليجيبه بيدبا: (زعموا أنّ)، لتبدأ قصة بيدبا التي تروي قصة المثل على لسان الحيوانات، والجميل أنّ القصّة تتشابك مع التي تتلوها هكذا لتكون شبكة من القصص والحكم وحتّى الخرافات ليوصل بيدبا قصده لملكه، فيعدل من حكمه، وتتمثّل قصصه على لسان كليلة ودمنة، وهما اثنان من حيوان ابن آوى؛ فالأسد هو الملك وخادمه الثور واسمه شتربة، ومن القصص الأخرى في هذا الكتاب: الحمامة المطوّقة، والحمامة والغراب، والبوم والقرد، والغيلم والجرذ، والسنور وابن الملك، والطائر فنزة، والشغبر الناسك، واللبؤة ومالك الحزين.

وقصّة الثعلب والحمامة ومالك الحزين هي القصة التي درسناها في المدرسة، وهو باب من يرى الرأي لغيره ولا يراه لنفسه، فعندما نصح مالك الحزين الحمامة ونسي نفسه بات فريسةً للثعلب الماكر، وقصص بيدبا تنوّعت حتى استقام حال المملكة بعد أن تفكّر الملك دبشليم في قصصه التي تنوّعت ليعلم الملك الحكمة بطريقةٍ غير مباشرة، فلو أخبره الحكمة من باب النصيحة ربّما استمع له الملك دبشليم مرّةً أو اثنتين، لكن كملك سيشعر بعلوّ منزلة بيدبا الحكيم عليه، لكن فكرة القصص على لسان الحيوانات كانت أقلّ ارباكاً، وأقرب للتقبل.

المقالات المتعلقة بمن هم كليلة ودمنة