عباد الرحمن ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه صفاتً وخصائص لعباده الصّالحين، من أهمّها الصّفات الّتي ذكرها في أوّل سورة المؤمنين، وفي خواتيم سورة الفرقان، وهي صفاتٌ حميدةٌ بمجملها يتّصف بها العبد المؤمن الّذي يهاب ربّه، ويقتدي بها باقي النّاس، ومن أهمّ من تمثّل بها من دون شك رسولنا الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وسنناقش في هذا المقال بعض هذه الصّفات.
صفات عباد الرّحمن - التّواضع: كما في الآيات: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً)، هوناً هنا تعني بوقارٍ وسكينةٍ وتواضع، وعباد الرّحمن كما وصفهم الله، متواضعون من دون تكبّر، فلا يرى نفسه أفضل من غيره، حتّى لو أنعم عليه الله سبحانه وتعالى بما لم يُنعم على غيره.
- الإعراض عن الجهلة والتّسامح: كما في الآيات: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً)، أي إنّ عباد الرّحمن، يتغاضون عن من أصابهم بالسّيّئة، ويسامحون، وإذا قال لهم الجهلة من النّاس كلاماً سيّئاً، أعرضوا عنه، وقالوا قولاً حسناً، وخير مثالٍ على ذلك، ما تحمّله رسولنا الكريم، محمّد صلّى الله عليه وسلّم، من كفّار قريش، من أذى وأقوال سيّئة، فكان يتغاضى عنها ويُسامح، ويقابل أعمالهم بالحسنى.
- المواظبة على قيام اللّيل: كما في الآيات: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً)، فعبد الرّحمن يحرص على قيام اللّيل والتّعبّد لله في أفضل الأوقات، وقت اللّيل والسّحور، فتراه يترك مأواه ونومه، ويتّجه إلى وجه ربّه يُصلّي ويستغفر ويتجهّد، ويفضّل كسب الحسنات والتّقرّب من الله، على أن ينام ويرتاح.
- خوفهم من عذاب النّار: كما في الآيات: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً)، فالعبد المؤمن يخاف من عذاب جهنّم، فتراه يتّبع كلّ ما أمر به الله، ويتجنّب كلّ السّيّئات والمعاصي، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويسعى إلى كسب الحسنات بشتّى الطّرق، من تصدّق أو إماطة أذىً أو غيرها من الأعمال الصّالحة.
- عدم الإسراف: كما في الآيات: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً)، فعبد الرّحمن هنا كما وصفه الله تعالى، يبتعد عن الإسراف بالمال، فيُنفق ما عليه إنفاقه على عائلته وعلى بيته ونفسه، ولا يزيد على ذلك ما يُغضب به الله تعالى.
- عدم الشّرك بالله: كما في الآيات: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ)، عبد الرّحمن هنا وصفه الله بأنّه لا يُشرك بالله أيّ شيءٍ آخر، سواء أكان بقلبه أو بعمله أو بنواياه، فيخلص كلّ أعماله لله تعالى وحده، ويؤمن بأن لا شريك له.
- التّوبة: كما في الآيات: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً)، خير الخطّائين التّوابون، وعبد الرّحمن من صفاته أنّه توّاب إلى الله، يعود إليه ويطلب ويتمنّى التّوبة منه، وهو مؤمنٌ بقلبه أن الله سيغفر له ويتوب عليه.
- الابتعاد عن قتل النّفس من غير حق، وعن الزّنا: كما في الآيات: ( وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ)، (ولا يزنون)، فعبد الرّحمن وُصف بابتعاده كلّ البعد عن القتل الحرام المتعمّد، إلّا في ما كان به حق، وبابتعاده كلّ البعد عن مَعصية الزّنا، فيحفظ فروجه كما أمره تعالى.
- الابتعاد عن اللّغو: كما في الآيات: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)، واللّغو هو الكلام الّذي ليس به فائدة، وشهادة الزّور هي الشّهادة غير الصّادقة.
- من يطلب الذّريّة الصّالحة: كما في الآيات: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)، فعبد الرّحمن يطلب من الله سبحانه وتعالى الزّوج الصّالح، أو الزّوجة الصّالحة، ويطلب كذلك ذرّيّةً صالحة من صلبه.