مقومات الشخصية القوية

عند ذكر مفهوم الشخصية القوية، فإنّ أوّل ما يتبادر إلى الذهن هو السيطرة والتحكّم وإمكانية فرض الرأي على الطرف الآخر، تماماً كالمعلّم الذي يتمكّن من ضبط صفّه مثلاً، أو الأب الذي يستطيع ضبط سلوك أبنائه. إلّا أنّ ذلك -أي السيطرة- ليست بالضرورة دليلاً على الشخصية القوية؛ فقد يضبط المعلّم صفّه من خلال اتباع أسلوب التهديد والترهيب أو الضرب، بينما نجده خائفاً متردداً أمام مديره مثلاً. فهنا لا يُمكن إعزاء قدرته على السيطرة إلى قوّة شخصيته، إذ إنّ الشخصية القوية يجب أن تمتلك مقوّماتٍ أخرى، مثل: القدرة على الاستمرار في التطوّر والتقدّم، والاختيار السليم، والتمييز بين الخير والشر، وإدراك الواقع بالشكل الصحيح، إضافة إلى بعض الصفات التي سنذكرها في هذا المقال.

• السيطرة على الغضب، والتزام الهدوء أمام أصعب الظروف وأقساها؛ بحيث لا تتخذ قراراتٍ متسرّعةٍ مبنيةٍ على العواطف والانفعالات، بل تفكّر جيداً ثمّ تقرر.
• الإيمان بالمبادئ والأخلاق الفاضلة كالأمانة، والتواضع، والصدق، وفعل الخير، وقول الحقّ حتّى وإن تعارض مع مصلحتها، وذلك لأنّ المبادئ والأخلاق في المرتبة الأولى.
• الثقة بالنفس ومعرفة قدراتها جيداً، بحيث لا تنتظر مدح أي شخصٍ أو ذمّه، ولا تكترث بما يُقال عنها، كما لا تتكلّم إلّا بما تعلم.
• تنمية الذات عن طريق التطوّر والتعلّم، والرغبة الدائمة في تحسين القدرات الذاتية، وذلك ليس حباً في الحصول على المراتب العالية أو كسب الإعجاب والتقدير من المحيطين، بل إيماناً بأهمية العلم لتنمية الذات.
• احترام الآخرين بغضّ النظر عن أموالهم، أو معرفتهم العلمية، أو منزلتهم الاجتماعية، وهذا ما لا تُتقنه الشخصية الضعيفة التي تحاول تقليل احترام الآخرين لإظهار نفسها على حسابهم. أمّا الشخصية القوية فهي تكتفي بأفعالها الجيدة لتُظهرها، ولا تخجل من الجلوس إلى الفقير مثلاً، أو التكلّم مع أحدٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة.
• قوّة الإرادة والعزيمة؛ فهي لا تتردد أو تخاف من تنفيذ أهدافها ومطموحاتها.
• تحمّل المسؤولية، بحيث تتخذ القرارات، وتتحمّل كافّة النتائج الناجمة عنها سواءً سلبيةً أم إيجابية. وفي المقابل، إنّ رمي الشخصية لنتائج أفعالها بعيداً عنها وتحميل مسؤوليتها للآخرين دليلٌ على الضعف والخوف.
• النقاش مع الآخرين عن طريق ربط الحديث بالواقع والمنطق وإسناده إلى معلوماتٍ صحيحةٍ كافيةٍ للإقناع.
• المبادرة في الأفعال دائماً، سواءً كانت أفعال الخير أو البدء في تحقيق هدفٍ ما؛ فهي لا تنتظر أن يبدأ أحدهم الطريق لتُكمله هي، بل هي من تبدأه، والآخرين هم من يقتدون بها لا هي من تقتدي بهم.