القرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم، والمنقول عنه بالتواتر، والمتعبد بتلاوته، وهو آخر الكتب السماوية التي أنزلها الله على نبي من أنبيائه، وقد تميّز القرآن الكريم بحفظ الله له من أن ينقص منه، أو أن يزاد عليه، أو أن يتغير منه شيء، أو أن يبدل فيه، فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9]، وقد هيأ الله له أسباب الحفظ من التغيير والتحريف، من أهم هذه الأسباب الجمع والتدوين، وفي هذا المقال سنعرض المراحل التي مرّ بها جمع وتدوين القرآن الكريم.
مراحل جمع وتدوين القرآن الكريم مرحلة الجمع والتدوين في العهد النبويكانت هذه المرحلة في فترة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تم تدوين الآيات والسور بشكل متفرق على بعض الأدوات المتوفرة في ذلك الوقت كسعف النخيل، والعظام، والأكتاف، والعسيب، والرقاع، فإذا نزلت سورة أو آية في حادثة أو حكم من الأحكام أمر الرسول بوضعها في الموضع الذي يوحي إليه جبريل به، وقد عيّن الرسول عدد من الصحابة للقيام بهذه المهمة، وقد عُرفوا هؤلاء الصحابة بكتّاب الوحي، بالإضافة إلى ذلك فقد كان القرآن في زمن الرسول محفوظاً في صدور الصحابة، وعقولهم، حيث كانت تلك هي الطريقة التي يُعول عليها أكثر من الكتابة، وذلك بسبب نزول القرآن متفرقاً على مدى عشرين سنة، وبسبب عدم توفر أدوات للكتابة في ذلك الزمن.
مرحلة الجمع والتدوين في عهد أبي بكر الصديقبعد مقتل العديد من حفظة القرآن الكريم في حروب الردة، أشار عمر بن الخطاب على أبو بكر الصديق بجمع القرآن خوفاً من ضياعه، وقد تولى مهمة جمعه الصحابي زيد بن ثابت، الذي كان من كتّاب الوحي في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اعتمد على أسس دقيقة في جمعه: بحيث كان لا يأخذ أي شيء من المحفوظ في صدور الصحابة إلّا إذا كان الصحابي قد سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر وبدون واسطة، كما أنه كان لا يعتمد على أي شيء من المكتوب إلا إذا كُتب بين يدي الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وكان لا يأخذ من أحد شيئاً إلّا إذا شهد معه شاهدين على صدق ما يقوله، وبذلك جُمع القرآن الكريم من الأكتاف، والعسيب إلى كتاب واحد أطلق عليه لفظ المصحف، وقد بقي عند أبي بكر الصديق حتي توفي، وانتقل بعدها إلى عمر بن الخطاب، ثمّ إلى ابنته، وزوجة رسول الله حفصة.
مرحلة الجمع والتدوين في عهد عثمان بن عفانالجمع في هذه المرحلة بمعنى النسخ، وقد قام عثمان بن عفان بهذه الخطوة بعد الفتوحات الإسلامية ودخول الكثير من الأعاجم في الإسلام، ممّا أدى إلى ظهور اللحن في قراءة الناس للقرآن الكريم، فقام بنسخ المصحف الموجود عند حفصة إلى عدة نسخ ووزعها على الأمصار المختلفة، وقام بإحراق النسخ الأخرى، وعُرفت هذا المصحف بمصحف عثمان.
المقالات المتعلقة بمراحل جمع وتدوين القرآن الكريم