الأرملة التي يتوفى عنها زوجها؛ تعتدُّ بعد وفاته حسب شروط وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى مقدار عدة المرأة التي يتوفى عنها زوجها في كتابه الحكيم، وهذه العدة على حالتين، الأولى أن تكون حاملاً من زوجها المتوفي، وفي هذه الحالة تكون عدتها حتى تضع حملها وذلك لقوله تعالى (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن)، وفي حديثٍ رواه المسور بن مخزمة أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لها فنكحت، فلا يوجد وقتٌ محدَّد في هذه الحالة، فهي تمتدُّ حتى تضع مولودها، وقد يكون زوجها توفَّى في شهر حملها الأول؛ فتكون عدَّتها تسعة أشهر أو تزيد.
أمّا الحالة الثانية، فهي للمرأة غير الحامل التي يتوفى عنها زوجها، وهذه عدَّتها أربعة أشهرٍ وعشرة أيام، وهي تختلف عن عدة المطلَّقة، حيث أن المطلقة تعتدُّ ثلاثة قروء، أي ثلاث حيضات، أما المرأة التي يتوفى عنها زوجها فتعتدُّ بالشهور المذكورة، وذلك لقوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً)، أي وعشرة أيام، وقد حدَّدها الله سبحانه وتعالى لحكمة بعدد الأيام وليس القروء أو الحيضات كالمطلَّقة وذلك حتى تحِدَّ عليه لما له من فضل عظيم وحقٌّ كبير على زوجته، فيجب عليها أن تحدَّ عليه، وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على رجل أكثر من ثلاثة أيّام إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرًا). وجعل العدة بهذه الطريقة لا يُفرِّق في عمر المرأة، فمهما كان عمرها فعدَّتُها أربعة أشهر وعشرة أيام، على عكس المطلَّقة التي بلغت سن اليأس وانقطع عنها الطمث، ففي هذا أقوالٌ أخرى لجمهور العلماء.
المرأة التي يتوفى عنها وزوجها وتكون حاملاً ولا تعلم، فخلال العدَّة المذكورة سيتَّضِحُ لها حملها، وفي هذه الحالة تُصبِح عدَّتها حتى تضع حملها، فتكون الشهور الأولى من العدة لمعرفة إن كانت حاملاً من زوجها المتوفي أم لا. وللعدَّة حِكَمٌ كثيرة أهمها عدم اختلاط الأنساب، فلا تتزوج المرأة وهي حامل من زوج فلا تعرف ابنها مِن مَن. وكذلك أثبت العلم الحديث أن الرجل يترك علامة على رحِم المرأة في كل مرة يُجامعها فيها، ولا تخرج هذه العلامة إلا مع نزول دم الحيض، وحتى لا تحصل للمرأة أية مضاعفات أو التهابات من كثرة العلامات أو اللطخات التي يتركها ماء الرجل في رحمها؛ فرض الله سبحانه وتعالى العدة عليها في حالة الطلاق وحالة أن يتوفى عنها زوجها، ويلزم خروج هذه العلامات من رحم المرأة ثلاث حيضات حتى يتخلص الرحم منها وهي عدة المطلَّقة. اما المرأة التي يموت عنها زوجها؛ فقد زادت عدتها عن ذلك وتم تحديدها بالشهور والأيام، نظراً للحزن الشديد الذي تمرُّ فيه المرأة على فقدان زوجها وشريك حياتها، وذلك ما قد يؤثر على حالتها النفسية بشكلٍ كبير؛ فيختلف نظام حسمها وتتغير هرموناتها بسبب الحزن الشديد والبكاء، فيمكن أن تتأخر عنها دورتها الشهرية أو لا تأتي لفترة معينة، وهذا من حِكمة الله سبحانه وتعالى ورأفته بعباده، فمهما تأخر الحيض يكون هناك فترة انتظار لمعرفة إن كانت المرأة حامل أم لا؛ وحتى تخرج اللطخة أو العلامة من رحم المرأة.
المقالات المتعلقة بما هي عدة المراة المتوفي زوجها