اختلف قول الشافعي ـ رحمه الله ـ في حكم طواف الوداع، فنص في مذهبه القديم ـ في كتاب الأم من المذهب الجديد ـ على وجوبه ـ وهو قول أبي حنيفة وأحمد ـ ونص في الإملاء على أنه سنة ـ وهو قول مالك ـ وثمرة الخلاف: أننا لو قلنا بوجوبه وجب على من تركه دم، ولو قلنا باستحبابه فلا يجب الدم على من تركه، وإنما يستحب، وبين النووي وجه كلا القولين وثمرة الخلاف في المسألة، فقال ـ رحمه الله: فإن أراد الخروج طاف للوداع وصلى ركعتي الطواف، وهل يجب طواف الوداع أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه يجب، لما روى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت.
والثاني: لا يجب، لأنه لو وجب لم يجز للحائض تركه، فإن قلنا إنه واجب وجب بتركه الدم.
وإن قلنا لا يجب لم يجب بتركه دم، لأنه سنة، فلا يجب بتركه دم كسائر سنن الحج.
وقال الرافعي: وقوله في الكتاب: وفي كونه مجبوراً بالدم قولان: أي على سبيل الوجوب، إذ لا خلاف في أصل الجبر، فإنه مستحب إن لم يكن واجباً.
والأصح عند الشافعية: أن طواف الوداع واجب يجب على من تركه دم كقول الجمهور، وهو اختيار الشيخين ـ الرافعي والنووي.
وعبارة النووي في المنهاج: وإذا أراد الخروج من مكة طاف للوداع، ولا يمكث بعده، وهو واجب يجبر تركه بدم، وفي قول سنة لا يجبر.
والله أعلم.
المقالات المتعلقة بحكم طواف الوداع