جاء في كتاب الله -عزَّ وجلّ- ذكر العديد من الأنبياء والرُّسل الذين أرسلهم الله إلى البشر لتبليغ رسالته رسالة التوحيد، ولتعليم الناس أمور دينهم، وأنبياء الله ورُسُله كُثُرٌ من حيث العدد يصعب حصرهم أو حتى ذكر معظمهم إلا ما جاءت الآيات الصريحة أو النصوص النبوية الصحيحة في ذكرهم وبيانهم، أما ترتيب الأنبياء والرُّسل الزَّمني ففيه ما هو ثابتٌ لا خلاف فيه ولا اختلاف، وفيه ما ورد الخلاف لقلة ذكره وعدم شيوع اسمه، والأصل في ذلك التَّوقف على ما جاءت به النصوص الصحيحة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أو غير ذلك من النصوص الصحيحة، وفي هذه المقالة سيتمُّ عرض أبرز أسماء رُسُل الله وأنبيائه مع بيان ترتيبهم الزمني ما أمكن، وذلك بالوقوف على ما جاء في القرآن الكريم والسُّنة النبوية المطهرة.
معنى النبيّمعنى النبيّ: النبيّ في اللغة مشتقٌ من المصدر نَبأ، والنبأ يعني الخبر؛ وقد سُمي النَّبي نبيًّّا لأنه يُخبر عن الله، ولأنَّه يُعتبر مُنبَأ كذلك؛ أي أنه مُخْبَر بأمرٍ من الله سبحانه وتعالى مما يُوحِي به الله إليه، وقيل في معنى النبيِّّ كذلك في اللغة أنه مُشتقٌ من النَّبْوَة، والنَّبوة هي الشرف والمكان المرتفِع من الأرض، وقد اشتهر عن العرب سباقاً أنها تُطلِق على العَلَم من معالم أو أعلام الأرض اسم - النبيِّّ - لأنَّ الناس يهتدون به؛ ولشرفها عما سواها، ولأنها كذلك تُشرف على غيرها من المعالم.[١]
وهناك ارتباط ودلالةٌ ظاهرةٌ وعلاقةٌ وثيقةٌ مع معنى النبيّ الاصطلاحي؛ فمعنى النبيّ في الاصطلاح هو (إنسانٌ حرٌّ ذكَر، أُوحِي إليه بشرعٍ، وبُعِث إلى قومٍ مؤمنين بشرعٍٍ سابق)، فالنبيُّ هو إنسانٌ ينبئه الله -سبحانه وتعالى- ويوحي إليه بأن يوصل شريعة مَن قبله للناس ويُعلمها لهم ويعمل هو بها، وربما يبعث الله النبيّ إلى قومٍ سبق أن بعث فيهم نبيّاً بشريعة وآمنوا بها ليذكرهم بما نسوه من أمور تلك الشريعة وليُصحح لهم ما ارتكبوا فيها من أخطاء ويُبطل ما أحدثوا فيها من بِدع ليست منها، ويحكم بينهم فيما جرى فيه الخلاف بينهم فيفصل فيه.[١]
الفرق بين النبيّ والرّسولالفرق بين النبيِّ والرّسول بيِّنٌ ظاهر، وقد أشار النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- في العديد من المواطن إلى وجود اختلافٍ في وظيفة كلٍّ من النبيّ والرّسول؛ حيث ثبت عنه أنَّ عدد الأنبياء بلغ مئةً وأربعةً وعشرين ألف نبيّ، أما عدد الرُّسل فقد بلغ كما ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما يقارب ثلاثمئة وبضعة عشر رسولاً، وهي إشارةٌ صريحةٌ لوجود اختلافٍ جوهريٍ بين النبيّ والرّسول، أما الذي عليه قول معظم العلماء والشائع بينهم أنَّ النبيّ لفظٌ أعمُّ وأشمل من لفظ الرّسول، فالرّسول هو: (من أُوحِي إليه بشرع، وأُمِر بتبليغه)، أما النبيّ فهو: (من أوحِي إليه ولم يؤمَر بالبلاغ، وعلى ذلك فكلُّ رسول نبيّ، وليس كل نبيّ رسول).[٢]
ويرى بعض العلماء أنَّ النبيّ من هذه الجهة يشترك مع الرَّسول من حيث الأمر بالبلاغ والتبليغ، فهو مأمورٌ بأمرٍ سماويٍ وشريعةٍ أخرى كغيره من الأنبياء والرُّسُل، والدليل على ذلك على قولهم أن الله - سبحانه وتعالى - لم يُفرِّق بين النبيّ والرّسول في هذا الجانب في كتابه العزيز، كما أنَّ ترك التبليغ من النبيّ يُعتبر من باب كتمان الوحي، ولا يُعقل أن الله - عزَّ وجل يُنزل الوحي إلى النبيّ ليكتمه، وقال أصحاب هذا القول إن الاختلاف الظاهر بين النبيّ والرّسول هو في كون الرّسولَ مَنْ جاء إليه الوحي بشرعٍ جديد وشريعةٍ أخرى، غير الشرائع التي سبقته، أما النبيّ فهو: من بُعِث لتقرير شريعةٍ نزلت على رسولٍ ممن جاء قبله، فالأنبياء الذين بعثهم الله إلى بني إسرائيل مثلاً جميعهم جاؤوا بشريعة موسى وأقرّوها لهم، وكانوا مأمورين فقط بإبلاغ قومهم بمضمونها.[٢]
ترتيب الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلامبلغ عدد أنبياء الله الذين ورد ذِكرهم في كتاب الله خمسةً وعشرين نبيّاً، مع أنّ عددهم يفوق ذلك بكثير كما جاء في مطلع المقالة، إلّا أنّ من اشتُهِر منهم فقط هم مَن ورد ذِكرهم في كتاب الله، وترتيبهم الزمنيّ على النحو الآتي:[٣]
المقالات المتعلقة بما هو ترتيب الانبياء