ما هو العصر الذهبي

إنّ مصطلح العصر الذهبي هو مصطلح واسع وفضفاض ، والسبب في ذلك يكمن في حيثيات التعريف نفسه ، فان تعريف العصر الذهبي كما اتفق عليه الجميع هو تلك الفترة التي تكون فيه أمة أو مجتمع أو عرق أو دين أو حركة أو جماعة أو دولة أو فرد ما في أوج قوته وعطائه وقدرته وإنتاجه وحضوره وابتكاراته ومنعته وعزته ووحدته وإنتاجه ، ومن هنا تنشأ المعضلة في نسبية تعريف الأشياء ، فما يراه البعض دليل قوة ، يراه آخرون دليل ضعف ، وما يراه قوم بأنّه عنصر جمال يراه غيرهم بأنّه عنصر قبح ، ولكن بعيداً عن النسبية في تعريف الأشياء فإنّنا نجد أنّ ما اتفقت عليه الإنسانية المتحضرة حول تعريف مصطلح ومفهوم العصر الذهبي هو القول بأنه تلك الفترة الزمنية التي يكون عليها الشيء أصل النقاش في أوج بريقه وحضوره وعطائه وتماسكه الايجابي .

ومن التعريف السّابق العام أعلاه ، نستنتج أنّ العصر الذهبي ما هو إلا قطعة فريدة وجميلة وبهية من زمن ما ، لشيء ما ، ربما يكون دولة أو أمة أو أي شيء آخر على شاكلته ، ولا يعني كل الزمن بطبيعة الحال ، لأن الحال والأحوال في تغير مستمر ولا تبق على ما هي عليه ، وكم من طائر قد طار وارتفع إلا ووجدناه كما طار قد وقع ، وسبحان مغير الأحوال من خال إلى حال ، والباقي أبد الدهر على حاله من الجلالة والديمومة والكمال .

ولا يعد من نافلة القول إذا ما تمنينا للإنسانية جمعاء حلول عصر ذهبي مستمر ودائم ، لأن ّالتمني شيء ، وواقع الحال شيء آخر ، والتاريخ يشهد على ذلك ، فكم من حضارات عظيمة سادت ثم بادت ، فأين حضارة الفراعنة ، وأين حضارة ما بين النهرين ؟ وأين حضارة الإغريق والرّومان والفرس والعرب ؟ وهل دام العصر الذهبي لشيء جميل أو قبيح عبر التاريخ ؟ فالعصر الذهبي لدول الخير انقضى ، والعصر الذهبي لمحاور الشر عبر التاريخ اندثر ، وفي كل يوم وفي كل عام وفي كل عقد أو قرن من الزمان نشهد عصراً ذهبياً يتولد للمرة الأولى ، كما ونشهد أفول عصر ذهبي لسواه قد سبقه ، وسبحان الله ،الحي الباقي الذي لا يتعب ولا ينام ولا يكل ولا يذوي ولا ينتهي ولا ينقص ولا يموت .