الصداقة هي علاقة إنسانيّةٌ واجتماعيّةٌ بين شخصين أو أكثر، وهي مبنيّة على الصدق، والمحبة، والتعاون، والإخلاص، والتفاهم، والثقة، وتنتهي الصداقة بفقدان أحد هذه الأركان، فيبدأ الشخص بإظهار العداوة لصديقه، وتسود الكراهية والقطيعة والخيانة، وكأنّ شيئا لم يكن.
لو تأملنا كلمة الصّداقة سنجدها كلمة مشتقة من الفعل صَدَقَ، ومن أصل الفعل تُشتقُّ كلمة الصديق، والصادق، والصدق، والأصدقاء، وصيغة المبالغة الصدّيق، وبالتالي تجتمع هذه الكلمات في الصداقة التي تجمع الأصدقاء، ويُعبر مفهوم الصداقة عن لقاء الأصدقاء بمحبة ومعاملة حسَنة، ولا بُدّ من مشاركة المشاعر، والهموم، وأطراف الحديث فيما بينهم، فيتأثر كلُّ شخص بمشاعر الآخر، ويصبح أكثر قرباً وتأثيراً.
قد يختلف الفلاسفة في تفسير الصداقة من منظورهم الخاص، فقال أرسطو عن هذه العلاقة بأنّ الصّديق هو الشخص الذي يكون مقبولاً من الشخص الآخر كما ينبغي، ويبتعد عن المُبالغة والتكلُّف، فُيصبح شخصاً مسايراً لا خير فيه، فالصداقة هي علاقة متبادلة بين الأشخاص الذين يريدون الخير لبعضهم، كما يريدونه لأنفسهم، ويرى البعض أنّ الصداقة تنجح عندما يكون هناك تقارب عمريّ، وتماثلٌ في الاهتمامات والظروف الاجتماعيّة، ولكنها تبقى مكملات ثانوية تبتعد عن الجوهر الأساسيّ للصداقة.
تتمثل الصداقة بمشاركة الصديق الهموم، ومساندته في أيسر الأمور وأشدّها، فلا خير في صديقٍ يتخلى عن صديقه وقت الضيق، فإن فعل ذلك فهو لم يكن صديقاً حقيقياً منذ بداية العلاقة، فالكثير من المواقف تختبر الصديق الحقيقيّ من الصاحب والرفيق.
تتميز الصداقة بأنها بيت للأسرار، ولا يجوز الوشاية والإفصاح عنها، فهنا يكمن العهد والوعد بأنّ كلاً منهما مفتاحُ أسرار الآخر، ولا بدّ من الحرص على عدم دخول الفتنة بينهما، وأن تكون الحكمة هي أساس الصداقة، فلا يجوز للآخر التخلّي عن صديقه، ولا فضح أسراره للآخرين، فقد وضع كلُّ شخص كامل ثقته بالآخر، فإذا تزعزعت هذه الثقة انتهت الصداقة، ويُثمّن الصديق بسؤال صديقه عنه وقت غيابه، ويحفظه أيضاً وقت غيابه، ويدافع عنه في وجه من أراد به السوء، فالصديق في النهاية هو أخٌ لم تلده الأم، بل هو أقرب من ذلك، وهو ذلك الإنسان الذي يعتبره الشخص مرآة لنفسه.
يمكن للصديق أن يصبح شخصاً مقرباً للعائلة وليس لشخص واحد فقط، بحيث يكون مطلعاً على حياة صديقه الشخصية والعائلية، ويمكن التكلم معه في الأمور التي يصعب طرحها مع العائلة والأقرباء، فالصداقة هي العلاقة الأصيلة التي لا تزول مع زوال المصالح والعلاقات الاجتماعية الأخرى.