أرسل الله سبحانه وتعالى على مرّ العصور رسله وأنبياءه لهداية البشريّة جمعاء إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، وأنزل معهم كتبه وكلماته ليهدي بها النّاس إلى الصراط المستقيم وعمارة الأرض بما فيه صلاحها، وقد أيّدهم الله سبحانه وتعالى بالـ "معجزات" لتكون دليلاً على صدق نبوتهم. فما هي المعجزات؟
المعجزة لغة مشتقّة من "العجز"، والعجز هو عدم القدرة على أداء الشيء. أمّا المعجزة اصطلاحاً كما عرّفها العلماء: فهي أمرٌ خارق للعادة، وحدث غير متوقّع، يتحدّى فيه الله بني البشر بما يفلحون فيه ويمهرون، وتقترن مع عمل فعل لا يستطيع أحد من البشر أن يفعله إلى بقدرة إلهية ووحي من الله سبحانه، حيث تكون خارقة ومعجزة لقوانين الكون في العالم.
وهذه المعجزة لا تقع على يد بشر عادي، بل هو نبي ورسول مصطفى من الله تعالى لينقل رسالته إلى قومه، تتوافق مع ما يدعو إليه، فعندما يتحدّى قومه فإنّه يتحداهم بأكثر ما يفلحون به، ويأتي بفعل معجز لا يستطيعون تقليده والإتيان به.
أمّا الأنبياء الذين أيّدهم الله بمعجزاته، منهم سيّدنا صالح - صلوات الله عليه - الذي أيّده الله بمعجزة الناقة، والتي خرجت من بين الصخور، وقد آمن البعض به وكفر الكثير. سيدنا إبراهيم - عليه السلام - كانت معجزته النار التي لم تحرقه، فبعد تكسيره لأصنام قومه واعترافه بفعل ذلك، عاقبه قومه بحرقه بالنار لكن الله جلّ وعلى أنجاه منها فكانت برداً وسلاما عليه, قال تعالى: "قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين. قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم. وأرادوا به كيدًا فجعلناهم الأخسرين".[الأنبياء: 68-70]
سيدنا موسى - عليه الصلاة والسلام - كانت معجزته العصا، فهذه العصا تحدّى بها قومه السحرة وتحولت لثعبان ضخم أكل باقي الأفاعي فآمن به السحرة إلا بعضهم ممن خافوا من كيد فرعون. وهذا العصا أيضا أخرج بها الماء من الحجر بأمر من الله تعالى، كما أنه فرق بها البحر لينجي قومه من كيد فرعون وجنوده.
أمّا سيّدنا عيسى - صلوات الله عليه وسلامه - فقد اشتهر قومه بالطّب، ولذلك فكانت معجزته بأنّه كان يستطيع إبراء الأكمه والأبرص والأعمى، وكان يحيي الموتى بأمر من الله جلّ وعلى، كما أنّه كان يصنع الطير فيخلقه بأمر من الله كذلك. كما كانت معجزته أيضا المائدة، حيث طلب منه قومه أن يطلب من الله بأن ينزل عليهم مائدة من السماء فكان الأمر كذلك. لكن قومه جحدوا به وحاولوا قتله وصلبه لكن الله أنجاه برفعه إلى السماء.
أما خاتم الأنبياء والرسل سيدنا محمد "صلّى الله عليه وسلم" فكانت معجزته "القرآن الكريم"، المعجزة الخالدة إلى أبد الدهر. أنزله الله بوحي منه على رسولنا الكريم ليهدي به قومه وسائر بني البشر منذ بعثته إلى يوم الدّين. كما كانت من معجزاته انشقاق القمر، حيث طلب الرسول من الله سبحانه وتعالى أن يشقّ القمر أمام كفار قريش ليصدقوه لكنهم كذّبوا أعينهم ولم يؤمنوا. كما أنّ حادثة الإسراء والمعراج هي أحد معجزات الرسول الكريم صلوات الله عليه، حيث أسرى به الله من مكة إلى بيت المقدس وعرج به إلى السموات السبع، ومعجزات أخرى كثيرة منّ الله بها على رسولنا الكريم، ولكن تبقى المعجرة الخالدة التي ستدوم إلى يوم القيامة معجزة "القرآن الكريم".
المقالات المتعلقة بما معنى معجزة