خلق الله تعالى الإنسان على الفطرة السليمة ولم يخلق الشر معه، فبسبب عدم تحكمه بنفسه وبسبب نزواته الشخصية وأنانيته المفرطة بدأ الشر بالظهور فجاءت جريمة القتل التي كانت الافتتاحية للشر الكبير بين الناس، وإذا نظرنا إلى أقوام الأنبياء والرسل نجد أن كل قوم من الأقوام اشتهر بجريمة معينة بالتزامن مع الجريمة الكبرى وهي الوثنية واتخاذ ما لا يضر ولا ينفع آلهة من دون الله – عز وجل -، فهناك من طفف في الميزان وهناك المثليين ومن يمارسون الزنا بشكل علني، وهناك السرقات وهناك القتل وهناك احتقار الناس وهناك التفاخر، كل هذه الأمور مع تفاوتها فمثلاً السرقة ليست كالقتل ليست كاحتقار الناس ليست كالمثلية أو تطفيف الميزان وهكذا. ومن هنا نجد أن الله تعالى كان يرسل رسلاً مبشرين بنعيم الله ومنذرين من عباده ومن لم يستجب من الناس كان الله تعالى ينزل به العقاب الذي يتلاءم مع طبيعة الذنب الذي اقترفه.
ولكن الله أيضاً وفي مقابل ذلك رغب بالعفو والمغفرة والصفح عمن أساء، وجعل في ذلك الخير الوفير الذي سيناله الإنسان في حال عفوه وصفحه عن الناس، وهذا هو من الكرم الإلهي، ولهذا حكمة فالأصل في الإنسان أن يكون خيراً وأن لا يدع مجالاً للحقد والغل أن يتسللا إلى قلبه، ومع تطور الجريمة في البشرية ابتداء من القتل إلى التطفيف إلى المثلية إلى السرقة إلى آخره. نجد أن قلوب الناس أخذت تنضوي على أشكال أكثر تعقيداً مما كانت عليه، حتى وصلت إلى قمة التعقيد والإجرام في الحرب العالمية الثانية والتي بعدها أدرك الإنسان أن الخلاص يكمن في صفاء القلوب وفي الإنسانية التي يجب أن تعم الدنيا، فأدرك أنه لا حل بعد ذلك إلا في التسامح والعيش المشترك الواحد الذي يلبي طموحات الجميع دون استثناء، وهذا هو هدف الديانات السماوية ولم يدرك البشر هذه الحقيقة إلا بعد أن ذاقوا جزاء أفعالهم وبعد حوالي 1400 سنة منذ آخر اتصال مباشر بين السماء والأرض. ومع ذلك وبعد كل ما عانته البشرية من ويلات نتيجة غياب التسامح والقلوب الصافية، وبعد أن أصبحت البشرية تبحث عن الرحمة والحرية والعدالة نجد أن هناك عدداً من الناس لا زالوا يبحثون عن الحقد والقتل والدمار، وهم قليلون جداً، ولكن على الرغم من قلتهم، إلا أنهم هم الفاعلون اليوم على الساحة الدولية، وهم المسيطرون على الأحداث ولا زالوا مصرين على انتشار الحقد والغل بين الناس والتدمير والخراب.
المقالات المتعلقة بما أجمل القلوب الصافية