الحب لا حياة تنعم بالسعادة دون حبٍّ، ولا زواجٌ تقوى أركانه، وتقوم أعمدته دون حبٍّ، ولا بيوتٌ تنعم برغيد العيش دون حبٍّ، فالحبّ مكونٌ أساسيٌ من مكونات الحياة السعيدة، فهناك من يقيس السعادة في الحياة، بالجاه، والثروة ، والمال، ويغفل عن مكوّنٍ أساسيٍ فيها إلّا أنّه الحبّ، وإذا كانت للحبّ منافذ شتّى في الحياة، فإنّ من أكثرها تداولاً الحبّ بين الشاب والفتاة، الحبّ المؤسس لحياةٍ زوجيّةٍ هانئةٍ رغيدةٍ، أو الحبّ المحلّق، والمخيّم بأجنحته، فوق الأسر، وينسج خيوطه الرفيعة الدقيقة بين الزوجين، فيكف يكون الحبّ؟
كيف يكون الحب هناك عناصرٌ أساسيةٌ في بستان الحبّ، ومن أهمّها:
- معرفة مداخل القلوب، فكلّ قلبٍ له مدخله الخاص به، فلا بدّ من إتقان التعامل مع هذه المداخل.
- سعة الثقافة اللازمة لأسس العلاقات الإنسانية، وأسرار نجاحها.
- معرفة خصوصيات الطرف الآخر، وطرائق تفكيره، ومدرسته في الحياة، حيث إنّ النّاس يختلفون في طرائق التفكير، واتّجاهات الحياة، ونظرتهم إلى الأمور.
- مشاركة الطرف الآخر اهتماماته، وتعظيمها، وحسنّ التفاعل معها.
- التجرد من الأنانيّة في التعامل، حيث إنّها تترك آثاراً سيئةً، وانطباعاتْ سلبيّةٍ، تضعف أواصر المحبّة.
- سعة الأفق، وبعد النظر، ووزن الأمور بميزان العقل والحكمة، ذلك أنّ الحبّ كلمةٌ عظيمةٌ، لها مدلولاتها الواضحة.
- المسؤولية الراشدة، حيث إنّ الحبَّ ليس مجرد كلماتٍ، بل التزاماتٌ واضحةٌ، وتبعاتٌ محددةٌ، يترتب عليها نتائجها، إيجاباً أو سلباً، بحسب وعي صاحبه، وفقه.
- الأخلاق الراشدة، والقيم الموزونة.
- احترام حاجة الطرف الآخر الجمالية، وزاوية نظره، فلا بدّ من الاهتمام بالمظهر، كمتممٍ لغراس المخبر، وإهمال هذه الناحية، منفرٌ للطباع البشرية السويّة.
- الإخلاص، وذلك بأن يبدي اهتماماً كافياً نحو الطرف الآخر،حتى ولو على حساب أموره الشخصيّة.
- التضحية، وذلك ببذل ما يستطيع مادياً؛ خدمةً ووفاءً للطرف الآخر، وهذه يجب أن تكون متبادلة بين الطرفين، بعيداً عمّا تعارف عليه النّاس بأنّ التضحية والبذل المادي إنّما يكون من قبل الشاب فقط.
- الصدق، وذلك بأن يكون الشخص صادقاً في التعبير عن مكنونات نفسه نحو الطرف الآخر، لا مجرد شعاراتٍ عاطفيّةٍ لها موسمها الخاص.
- إدراك ومعرفة ردات النفس، وعناصر فتورها، وبواعث عللها، حيث إنّ الإنسان دائماً تعتريه ما يعتري النفس البشريّة من مواطن قصور.
- الحكمة ووزن الأمور بميزان العقل السديد، وهذا لازمٌ للعلاقة الناشئة، وتلك المتجذرة في ظلال الحياة الزوجيّة على حدٍ سواء، حيث إنّ الحياة الإنسانيّة، والتفاعلات التي تعتريها، لا بدّ لها من حكمةٍ في التعامل، وإلّا لأضحت الحياة جحيماً لا يطاق، ولتفككت عرى المحبّة، قبل أن يقوى رباطها.
هذه أواصرٌ لا بد منها، وعناصرٌ لا بد من توفرها،وغيرها أيضاً كثيرٌ، فلا بد من حسن غرس بذور المحبّة، ولا بدّ من تفقد تربتها أولاً، ورعاية نبتتها، وتعهد ساقها، ومتابعة أطوار نموها، فهي نبتةٌٌ، بل وردةٌ جميلةٌ، تحتاج إلى حسن رعايةٍ، وحكمة تدبيرٍ، حتّى يمتلئ بستان المحبّة، وتتكاثف أشجاره وتتواصل أوراقها، ويحسن عندئذٍ تفيء ظلالها.