أستيقظ في وقت متأخر من صباح يوم السبت، أنظر للساعة من خلال الهاتف المحمول، أجد مكالمتين لم يرد عليهما بالإضافة إلى رسالة نصية من مجول، يعتريني الفضول لمعرفة محتوى هذه الرسالة قبل أن أغسل وجهي بالماء وتناول قوتي الصباحية. أجد عنواناً لمطعم في الجانب الشرقي من المدينة، مرفق معه وقت كأنه موعد ما، اعتقدت في بادئ الأمر أن في الأمر لبساً. قمت وأعددت قهوتي بعد أن أخذت حماماً منعشاً. أخذت هاتفي واتصلت بصاحب المكالمتين الفائتتين والرسالة النصية، إذ بصوت أنثوي على الجانب الآخر، أخبرتني أنها صديقة لأحد معارفي تريد أن تقابلني لتداول بعض الأعمال التي تتعلق بالمجال الذي درسته، لم أبد اعتراضاً.
قد يكون هول مفاجأة ما أشد وطأة على الإنسان من حقيقة الحدث نفسها. حين ذهبت وفق الموعد بالضبط، وجدت ما لم أستطع أن أتصور حدوثه في يوم كهذا. لاسيما وأنني كنت على موعد لأمر ما ووجدت أمام ناظري من أحب يتبادل الضحكات مع شخص آخر. كانت قد أخبرتني أنها لن تستطيع النهوض من الفراش بسبب المرض!
كان ذلك أحد أسوأ اللحظات التي شعرت بها طوال حياتي. فكرت فيما يمكن أن أفعله، لم يكن بوسعي الذهاب ومواجهتها كي لا أبدو كشخص أحمق تتلاعب به دون ان يدري. قررت تأجيل المواجهة لوقت لاحق. هاتفتها وأنا في طريقي خارجاً من ذلك المكان، لكنها لم تجب. هاتفتني بعد ساعتين من ذلك الوقت. لم أسألها لماذا لم تجبني، وفرت ذلك لحين أكون أمامها وجهاً لوجه. اتفقنا على اللقاء بعد نص ساعة في مكاننا المعهود. كانت أطول ثلاثين دقيقة مرت علي. إن أسوأ ما يمكن أن يشعر به المرء هو انهيار الجدار الذي كان يستند إليه، واكتشاف أن من كان في حقيقة الأمر أقرب شخص له، هو أبعد من يكون عنه. أن من كان يعتقد بأنه أصدق الناس معه هو أكذبهم معه. هذا الجرح الذي لن يندمل أبداً، بل هو الجرح الذي يجب أن يندمل. ما أصعب أن يحفر المرء قلبه بيديه، لا حاجة لأثر يذكرني بغبائي في فترة من الفترات، لا حاجة لي بما يذكرني بأني أخطأت بالإختيار. لا حاجة لي بما يذكرني بأني لم أستطيع التمييز حين أحدق بعينيها أنها فعلا لم تكن تحمل تجاهي أي درجة من مشاعر الحب. السؤال الذي كاد أن يفجر رأسي لماذا؟ لماذا أخبرتني أننا أجمل ثنائي؟ لماذا أخبرتني أنها تحنو قبيل النوم لأن ترنو إلي؟ لماذا أوهمتني أن ما نملكه فيما بيننا سيدوم إلى الأبد؟ لم أدرك حينها أن الأبد من وجهة نظرها أمر من صنع الخيال. قررت ألا أذهب لموعدنا، قررت ألا أمضي لأجلها دقيقة أخرى على أمل الحصول من العتاب على سبب.
الخائن لا يستحق السؤال، الخائن لا يستحق العتاب.
المقالات المتعلقة بكلام عن خيانة الحبيب