تمرّ بجميع الناس العديد من الأيام التي قد يشعرون فيها باليأس والإحباط، ويكرهون في هذه الأيام كلّ ما حولهم في الحياة، وربّما مرّ الجميع خلال حياته بتلك اللحظات التي تساءل فيها من شدّة حزنه عن سبب كونه على قيد الحياة؛ فالحياة ليست طريقاً واحداً مستقيماً يمرّ بها الجميع، إنّما هي عبارةٌ عن طريقٍ متعرّجٍ يمتدّ عبر مسار حياتك صعوداً ونزولاً، فمن الطبيعي أن يمرّ الإنسان بالعديد من الصعوبات المختلفة، ولكن من المستحيل أن يتغلّب على هذه الصعوبات جميعها إن كان كارهاً للحياة.
قد يتساءل العديد خلال حياتهم عن كونهم تعساء، ولكن ما لا يعرفونه هو أنّ الإنسان يكون سعيداً أو حزيناً بإرادته هو ونظرته إلى الحياة، مهما كانت الظروف التي يمرّ بها، وفي العادة تكون المقارنات أيضاً أحد الأسباب الكبيرة التي تجعل من الناس تعساء؛ ففي العادة نقارن أنفسنا بمن نظنّهم أفضل منّا من نواحٍ مختلفة، فنقول هذا الشخص أغنى منّا أو أجمل أو عدا ذلك ممّا يسبّب لنا الإحباط والتعاسة، وننسى بذلك أن ننظر إلى الّنعم التي نعيش بها والتي تجعل منّا سعداء، والتي تُشكلّ حلماً لدى العديد من النّاس والأطفال حول العالم، والذين يجب أن نفعل كلّ ما بوسعنا لجعل حياتهم التي لا يملكون أيّ خيارٍ بها أفضل ممّا هي عليه، وكيف لنا أن نفعل ذلك ونبثّ لهم السعادة إن كنّا تعساء غير راضين عن حياتنا؟!
إن كنت تعيساً كونك قلقاً ممّا سيحدث لك في المستقبل، أو بسبب الخيارات الصعبة المتاحة أمامك، فأنت من المحظوظين حول العالم ممّن لديهم الخيار ليختاروا الطريق الذي يريدون أن يسيروا به، فالكثير من الأطفال يولدون ويموتون وهم لا يملكون أيّ خيارٍ في مصيرهم أو حياتهم، وإن كنت لا تشعر بالسعادة بسبب الصعوبات التي تواجهك، فاعلم أنّك من القليلين الذين اختاروا أن يسيروا وراء حلمهم، فالجميع لديه أحلامٌ يريدون تحقيقها، ولكنّ القليلين هم من يسيرون في طريق تحقيقها، وعليك أن تعلم أنّ الصعوبات هي الجزء الأكبر منها، فإن استطاع أحدٌ الوصول إلى حلمه من دون أيّ صعوباتٍ فاعلم أنّ وصوله كان زائفاً أو أنّه كان مبنيّاً على تعاسة الآخرين، وهو ما لا يؤدّي إلّا إلى المزيد من التعاسة.
حب الحياةإنّ حبّ الحياة كحبّ الأشخاص، فنحن لا نشعر بمحبّة الأشخاص إلّا إن فقدناهم، وكذلك فنحن لن نشعر بحبنا للحياة إلّا إن فقدنا ما توفّره لنا، فلن نشعر بنعمة الشبع إلّا إن شعرنا بالجوع، ولن نشعر بنعمة الماء إلّا إن شعرنا بالعطش، ولن نشعر بأهمية المأوى إلّا إن استيقظنا في العراء، وكذلك فإنّنا لن نشعر بالحياة إلّا إن نظرنا لما فيه من نعمٍ لا تعدّ ولا تحصى؛ فالحياة هي الأمر الوحيد الذي لا نستطيع الحصول منه على فرصةٍ ثانية، ولذلك فبإمكاننا الاستمتاع بكلّ لحظةٍ من لحظاتها الحلوة منها والمرّة، وإمّا أن نعيش منتظرين اللحظة التي نموت فيها من دون أن نفعل أيّ شيءٍ يذكر، نستطيع أن نقول من خلاله أنّنا كنّا وبكلّ فخرٍ على قيد الحياة.
المقالات المتعلقة بكيف نحب الحياة