تُعتبر ليلة القدر من أهم ليالي السنة عند المسلمين؛ لما لها من فضل ولمن قام بحقها الأجر والثواب، ولأنّ أوّل آيات القرآن الكريم نزولاً على سيد المرسلين محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- كانت في تلك الليلة، وتكون ليلة القدر في الليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك الفرديّة منها، حيث إنّها قد تكون في ليلة الواحد والعشرين، أو ليلة الثالث والعشرين، أو ليلة الخامس والعشرين، أو ليلة السابع والعشرين، أو ليلة التاسع والعشرين، أي في الليالي الوتر الفرديّة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، ولا يمكن تعيين ليلة القدر بليلة معيّنة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد وردت نصوص في أنها في ليلة السابع والعشرين، ونصوص أخرى أنها في ليلة الواحد والعشرين، وأخرى في ليلة الخامس والعشرين، وأخرى في ليلة التاسع والعشرين، فالمسلمون يتحرّون ليلة القدر كل عام هجري على أمل إدراك أجر قيامها، وقد ذكر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لليلة القدر علامات تدل عليها وتشير إليها.
معنى ليلة القدرمعنى ليلة القدر لغةً: تتكوّن ليلة القدر من لفظين:[١] اللفظ الأول: ليلة، وحدّ الليلة في اللغة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، ويقابلها النهار، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي له عن المعنى اللغوي، أما اللفظ الثاني فهو: القَدر، وله عدة معانٍ في اللغة:
ليلة القدر اصطلاحاً: ليلة مباركة من ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، أنزل الله فيها القرآن العظيم، فيها يُفصَل ما يكون في السنة من مقادير الخلائق، ويُعدّ العمل فيها خير من العمل في ألف شهر مما سواها.[٥]
وصف السماء ليلة القدرتكون السماء في ليلة القدر صافية شديدة النور والإضاءة وتكون الرياح ساكنة، وتكون درجة الحرارة فيها معتدلة لا حارة ولا باردة، وتكون الشمس في اليوم الذي يلي ليلة القدر حمراء مستوية ولا شعاع فيها، كما أخبر بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنَّ الشَّمسَ تطلعُ يومَئذٍ لا شعاعَ لها)[٦] وهذه العلامة تُعتبر من العلامات اللاّحقة لليلة القدر. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنِّي كُنْتُ أُريتُ ليلةَ القدرِ ثمَّ نُسِّيتُها وهي في العشرِ الأواخرِ وهي طَلْقةٌ بجة، لا حارَّةٌ ولا بردة كأنَّ فيها قمرًا يفضَحُ كواكبَها لا يخرُجُ شيطانُها حتَّى يخرُجَ فجرُها)[٧] في هذا الحديث النبوي بيان أنَّ في ليلة القدر يكون القمر فيها مضيئاً، والسماء صافية معتدلة الحرارة، وتُحبس الشياطين فلا يخرجون في هذه الليلة.
دعاء ليلة القدرإذا وافق العبد ليلة القدر يُستحب له أن يدعو بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن يُكثر فيها من الدعاء لأنها ليلة يُستجاب فيها الدعاء، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء يُقال في ليلة القدر، روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (قلتُ يا رسولَ الله أرأيتَ إن عَلِمْتُ أيُّ لَيلةٍ لَيلةُ القَدرِ ما أقولُ فيها قالَ: قولي اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كَريمُ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي).[٨]
فضل ليلة القدرلليلة القدر منزلة عظيمة وقد خصّها الله بعدد من الخصائص والفضائل منها:[٩]
اتفق أهل الفقه على أنَّ إحياء ليلة القدر أمر مندوب، مستدلّين على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه : (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، إذا دخل العشرُ، أحيا الليلَ وأيقظ أهلَه وجدَّ وشدَّ المِئزَرَ)[١٣]، والمقصود من هذا الحديث أن يحيي المسلم ليلة القدر اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ويكون إحياء ليلة القدر بالتقرب إلى الله عزَّ وجلّ بالصّلاة وقراءة القرآن وذكر الله والدعاء، إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة، وأن يكثر المسلم من قوله: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.[١٤]
المراجعالمقالات المتعلقة بكيف تكون السماء ليلة القدر