قد تجمعك الدنيا بأناس يرسمون على وجهك الإبتسامة، و يجعلون لونها أبيضاً ناصع، تتذوق جمال الحياة بصحبتهم، و ترى الحياة لا تطاق بدونهم، ولكن في المقابل فإن الدنيا قد تجمعك بأشخاص لا يبالون بمشاعر الغير، ولا يحسبون لها ادنى حساب، و هذه الحقيقة لا يمكن إنكارها، حيث إنّ النفوس الطيبة تقابلها النفوس الشريرة، و قلبك الطيب قد لا يقدر طيبته الكثير من الأشخاص من حوله، لذلك فليس من الغريب أن تجد من يبادل هذه الطيبة و هذا النقاء بالجحود و الإساءة و التجريح، و هذا الشيء يجب أن يجعلك تتمسك بطيبتك و طهارة روحك أكثر، لا أن تتخلى عنها و تصبح عائقاً في طريق علاقاتك مع من حولك .
إن فطرتك النقية التي فطرك الله سبحانه و تعالى عليها منذ ولادتك هي التي تحتم عليك أن تكون ذو قلب محب، خالٍ من مشاعر الحقد و الكراهية تجاه الاخرين، لذلك يجب أن تبقى متيقظاً إذا شعرت أن قلبك بدأ يكره أو يحقد على أحدٍ من الأشخاص الذين سببوا لك الإساءة أو التجريح فأنت بحاجة إلى إعادة النظر في النقطة التي وصلت إليها، في اللحظة التي تشعر بأن اللون الأبيض بداخلك بدأت تسيطر عليه الأفكار السوداوية و المشاعر الخبيثة فعليك أن تعيد تقييم نفسك وتعيدها إلى صوابها في أسرع وقت، ومن هنا سوف تكون قد وضعت قدمك على اول خطوة في الطريق، هذا الطريق الذي سوف تبدأ فيه التعلم كيفية التعامل مع الأشخاص الذين سببوا لك جرحاً مؤلماً قاطناً في أعماق قلبك، و مسبباً لك غصة مرافقة لذكرياتهم .
كيف أنسى من جرحني - عليك أن تحافظ على قلبك خالياً دوماً من الحقد و الكراهية تجاه الأشخاص الذي قد يسببون لك الإساءة أو التجريح، حيث إنّ وجود الحقد في القلب يجعل من الهم حِملاً ثقيلاً في القلب، و يجعل نسيان الإساءة أمراً صعباً وشبه مستحيلاً، لذلك عليك أن تنظف قلبك بإستمرار من المشاعر الكريهة التي قد تتولد لا إرادياً في القلب نتيجةً للألم الذي قد تخلفه المواقف السيئة و التي قد تترك أثراً سلبياً في النفس .
- عليك أن تقوم بتحويل هذا الجرح الذي تركوه بداخلك إلى تجربة تساعدك على التقدم في حياتك نحو الأفضل، حيث سوف تصبح ذكرياتهم لا تسبب أذىً في الذاكرة، بل و ستصبح نقطة مضيئة جعلت منك شخصاً يفتخر بنفسه و قادراً على أن يمضي في حياته، لذلك فعليك أن تكون واثق تماماً أنك تمتلك القوة الكافية لتجعل من هذا الموقف سبباً يدفعك نحو التقدم للأمام، لا أن يكون هذا الموقف فرصةً لتثبت بأنك قد حققت المراد من إساءتهم لك وهي تحطيم معنوياتك، و زعزعة ثقتك بنفسك .
- عليك أن تزرع في داخلك فكرة حقيقية وهي أن الأشخاص الذين يمرون في حياتنا كُثُر، منهم الخبيث و منهم الطيب، وكلا النوعين مرورهم في حياتنا درساً لنا، و أن المواقف التي نمر بها، و التي قد تشعرنا بالألم أو الجرح و الصدمة من إساءة الآخرين ما هي إلا تجارب تجعل منا أشخاصاً قادرين على كشف معادن الأشخاص من حولنا، و قادرين على التعامل مع الأشخاص بالأسلوب الذي يتناسب مع تصرفاتهم تجاهنا .
- و أخيراً، فعليك أن تُذكِر نفسك دائماً أن الحياة مليئة بالأشخاص الرائعين، الذين ما ان تلتفت حولك حتى تجدهم يلونون عالمك بأروع ألوان المحبة، أولئك هم من يتواجدون في حياتك ليثبتوا لك أنك شخص تستحق السعادة، و أنك الأفضل دائماً بالرغم من كثرة الأشخاص الذي يحاولون أن يثبتوا لك عكس ذلك، لذلك فعليك أن تمضي بحياتك سعيداً و ناسياً أو متناسياً لجميع الاشخاص الذين تركوا في داخلك بصمة باهتة و مؤلمة .