علاقة العبد بربه تختلف علاقة المسلم مع ربه جل وعلا عن علاقته مع الناس، فالعلاقة بين المسلم والله عز وجل هي علاقةٌ بين عبدٍ مخلوقٍ ضعيفٍ مفتقرٍ إلى ربه في جميع شؤون حياته، ورب خالق منزّه عن العيوب، وله الأسماء الحسنى والصفات العلى والكمال المُطلق الذي لا ينبغي لغيره من الأنداد، وهو المطلع على السرائر وما تخفي النفوس، والمستأثر بعلم الغيب، وصاحب الأمر، والمشيئة، والقضاء، والتدبير، ومقرر مصير العباد جميعهم برحمته فإما إلى جنّة حيث ينعم المتقون، وإما إلى النّار حيث يُعذّب الظالمون.
طرق تقوية علاقة العبد بربه إنّ العلاقة بين العبد وربه جل وعلا تحتاج إلى عنايةٍ خاصةٍ واهتمامٍ كبيرٍ من قِبل العبد لتكون تلك العلاقة في أعظم صورة، بحيث تؤدي إلى رضا الله تعالى، ولا شك في أنّ هناك وسائل كثيرة تؤدي إلى تقوية علاقة العبد بالله تعالى نذكر منها ما يلي:
- أنْ يُنفذ المسلم غايةَ الله في الخلق، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56]، فالله تعالى لم يخلق الإنسان عبثاً، ولم يتركه مهملاً وإنما أناط به مهمة عظيمة وجليلة، وهي عبادة الله في الأرض التي هي تعبير صادق عن الإيمان بربوبيّة الله وألوهيّته، وإنَّ من شأن الحرص على العبادة بجميع أشكالها من صلاة، وصيام، وعمرة، وحج أنْ تقوي علاقة العبد بالله وتوثِّق صلته به سبحانه.
- التزام شريعة الله تعالى، فقد شرع الله سبحانه للنّاس أحكاماً وحدوداً ارتضاها لهم، وتتضمن تلك الأحكام أوامر ينبغي الامتثال لها وتطبيقها، ونواهٍ ينبغي اجتنابها، وإنَّ من شأن الالتزام بشريعة الله في الأرض والحرص على تطبيقها أنْ تقوي علاقة العبد بربه جل وعلا، فكلما زاد حرص المسلم على تطبيقها اقترب أكثر من ربه وقوِيتْ علاقته به سبحانه، وكلما ابتعد عنها اهتزتْ علاقته بربه وضعفتْ.
- المداومة على الدّعاء والذكر والاستغفار، فالله سبحانه وتعالى يحب الذّاكرين الذي يذكرونه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، كما يحب المتفكرين الذين ينظرون في الكون والآفاق ويتبيّنون عظمة الخالق في خلقه وتدبيره، فالمسلم حريص على الدّعاء والذّكر والاستغفار ويتقرّب من ربه أكثر ويوثّق علاقته به سبحانه.
- عدم الاكتفاء بالفروض والواجبات التي كتبها الله على المسلم بل الحرص على الاستزادة من نوافل العبادات من صلاة وصيام وغير ذلك، وفي الحديث القدسي الشريف: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) فالنّوافل تقرب العبد إلى ربه وتوثق صلته به سبحانه.