معنى الإخلاص يتردّد على ألسنة النّاس كثيرًا وفي معرض الحديث عن الصّداقات الإنسانيّة ومعانيها الجميلة كلمة الإخلاص، فالإخلاص لغةً من الخلوص، فيقال خلوص اللّبن أي خلاصته الخالية من أيّ شوائب، الصّافية غير الممزوجة بشيء، أمّا الإخلاص معنى واصطلاحًا فيأتي كقيمة نبيلة وخلق كريم، فيُقال صديق مخلص أيّ صديق يبني علاقته مع صديقه على معاني الصّدق والوفاء، وعدم الغدر بعيدًا عن المصلحة الشّخصيّة والماديّة، كما أنّ الإنسان المخلص مع ربّه هو الإنسان الذي يبني علاقته مع ربّ العزّة جلّ وعلا على معاني الإيمان، وحسن التّوكل على الله، والتّسليم له، وإخلاص العبادة له، وتصحيح اعتقاده به بعيدًا عن الشّرك الظّاهر والخفي، كما أنّ الإخلاص قد يكون في جميع علاقات الإنسان بأخيه الإنسان في الحياة والعمل، كما يكون الإخلاص بين الأزواج حيث يفي كلّ طرفٍ منهم بحقّ الآخر ولا يخوّنه أو يخذله.
كيفيّة تحقيقه والحقيقة أنّ تحقيق الإخلاص في العلاقات الإنسانيّة يتطلّب توافر عدد من الصّفات عند الإنسان، نذكر منها:
- تصحيح عقيدة المسلم، فصاحب العقيدة السّليمة بلا شكّ هو إنسان مخلص في علاقته مع ربّه سبحانه، ذلك أنّ العقيدة السّليمة هي حالة إيمانيّة خالصة، تحكم علاقة الإنسان المسلم بربّه جلّ وعلا، بحيث يخلص عمله لله تعالى فلا يشرك في عبادته أحداً من الخلق، وتراه يلتجئ إليه سبحانه في كلّ أحواله في السّراء والضّراء، كما لا تنبني علاقة المسلم بربّه على المصلحة الآنيّة، والمنفعة الماديّة، بل هي علاقة قويّة لا تهزّها نكسات الحياة.
- الصّدق والصّبر، فقد قصّ الله سبحانه وتعالى علينا قصّة يوسف عليه السّلام، كيف صدق مع الله تعالى في كلّ مواقفه، حيث ثبت على موقفه في وجه كيد امرأة العزيز والنّسوة، كما كان الصّبر مفتاح الفرج له، وثقة الملك الذي علم بقصّة يوسف، وما جرى له عندما أوّل له رؤياه، حيث أمر الملك بإخراج يوسف من السّجن بقوله (ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ).
- الإخلاص في العلاقات الإنسانيّة يكون بإخلاص النّية، وسلامة القصد في المحبّة والصّداقة، فالذي يحبّ زوجته ينبغي أن تكون نيّته خالصة في ذلك، بعيدة عن أيّ مصالح أو أغراض آنيّة، من مالٍ أو جاهٍ أو غير ذلك، كما أنّ الصّديق المخلص هو الصّديق الذي لا يتخلّى عن صديقه مهما تبدّلت الظّروف، وادلهمّت الخطوب.
- وأخيرًا الإخلاص بمراعاة عِشرة الأيّام والسنين، فلا يكون الإنسان مخلصًا إلا عندما يحفظ عشرته مع زوجته وأهله وأقربائه.