الغضب الغضب جمرة خبيثة توقع الإنسان في العديد من الأخطاء، وتوصله إلى طريق مسدود، وهو أمر نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمرنا بالبعد عنه، ولذلك وصى النبي صلّ الله عليه وسلم الرجل الذي استوصاه بخصالِ الخير بترك الغضب وكرّر ذلك عليه، فبتركه للغضب يكون قد حصل على جميع خصال الخير.
الغضب من الشيطان، وكثيرًا ما يقع الإنسان ضحيّةً لغضبه فيرتكب من الحماقات ما يرتكب، ويخسر بذلك إمّا شخصاً عزيزاً أو فرصةً ذهبية أو ربما يرتكب ذنبًا عظيمًا يندم عليه طوال حياته، كل ذلك لأنه لم يتحكم بغضبه وأصبح أسيرًا للعصبية العمياء، التي لا تمكنه من رؤية الأمور على حقيقتها، وتجعله يضخم الأمور ويعطيها أكبر من حجمها الحقيقي، وربما جعلته يخلق هو المشاكل من لا شيء، ويستمر في مضاعفتها حتى تصبح مشكلةً حقيقيةً يصعب القضاء عليها.
والإنسان الغضوب يعيش حالةً مرضيّة تعكر صفو حياته، فبتعوّده على التعامل مع الأمور بهذه الطريقة يوقع نفسه بالعديد من المواقف المحرجة، وينتهي به الأمر أن يسعى جاهدًا لطلب السماح من الناس الذين قام بالإخطاء بحقهم مرة بعد مرة، وكما قال جعفر بن محمد(الغضب من الشيطان) لذا لا بد من التحكم بالغضب والسيطرة عليه حتى لا يؤثر ذلك على حياة الإنسان بصفة عامة.
كيفيّة التخلص من الغضب - المبادرة بالوضوء فيقوم الشخص بذلك بتطهير ظاهره وباطنه قال عليه الصلاة والسلام: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ).
- تغيير المكان؛ حيث أمرنا عليه السلام بذلك فقال صلى الله عليه وسلم: قال (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).
- كي يتخلّص الإنسان من غضبه وخاصة الرجل، لا بدّ عليه من أن يعلم أن الغضب والصراخ والصوت العالي والمشاجرات ليست من صفات الرجولة، ولا تضيف لشخصيّته شيئاً، بل على العكس إنّها تضعفه وتصغره في عيون الآخرين، خاصة إن تسبّب ذلك الغضب بإيذاء شخص ما، فالقوّة والشجاعة تكمن في السيطرة على النفس وتملكها عند الغضب، وقال حبيبنا صلوات الله عليه (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يتملك نفسه عند الغضب)، ومن المؤشرات الدالة على تدهور الأخلاق أن يكون الشخص متعلّماً ومثقّفاً لكنّه يتعامل بأسلوب همجي، ويكون سريع الغضب ولا يستطيع التحكم في نفسه.
- التعوّذ بالله من الشيطان الرجيم، لكي يذهب عنه الشيطان.
- ألّا يستجيب للتصرفات الاستفزازية التي تقوم بتحفيز الانفعال داخل الشخص، فيجب على الشخص ألّا يلقي بالاً للأشخاص السفهاء الذين يستمتعون في استغضاب الآخرين، بهدف التسلية أو بأيّ هدف آخر، وعليه في مثل هذه المواقف أن يستخدم السكوت وعدم النطق بالكلام حتى يقلل من مستوى تفكيره ويقلل من احترامه لأسباب تافهة، وحتى لا يقوم بأي تصرف يخرجه من سكينته ووفاره إلى الجهل والاستخفاف.
- تبييت النية الحسنة؛ فيجب على الإنسان أن يأخذ الإساءات التي قد يتعرض لها بعفوية، في معظمها تكون غير مقصودة، إلا إذا كانت هذه الإساءات صادرة من أشخاص معروف عنهم تلك الخصال السيئة، من حبّ المشاكسة وشحن المواقف، ففي تلك الحالة يجب عليه الابتعاد عن مثل هؤلاء الأشخاص، وعدم التعامل معهم حتى لا يهدر وقته وتفكيره مع من لا يستحق.
- الانشغال بذكر الله من التسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار، مما لا يترك مجالاً أو بابًا للشيطان ليدخل منه.
- التفكر والتأمل في عظم جزاء كظم الغيظ؛ فالشخص المؤمن حين يسيطر على غضبه، لا يكون ذلك بسبب ضعف أو خلل في شخصيته بل يكون من باب اتّباعه لصفات المتقين الذين يرغب بأن يكون منهم كي يرضى الله تعالى عنه، فقال سبحانه وتعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- أن يتجنّب المواجهة في الحالات التي يكون فيها أقرب للاستفزاز والغضب السريع مثل : النعاس أو الجوع أو السفر أو عند الاستيقاظ من النوم، فلكل شخص وطبيعته الخاصة وهناك أوقات لا يكون فيها الشخص في مزاج ملائم للمناقشة والحوار، مما يجعله أكثر عرضه للاستشاطة غضبًا، فحين يحدّد الشخص للأوقات التي يصاحبه بها المزاج المعكر، يجب عليه أن لا يقوم باختيار مثل تلك الأوقات لمناقشة عائلية، أو موعد لحل مشكلة ما بالعمل أو غيرها من الأمور التي تحتمل التوتر والمشادة بينه وبين أقاربه أو زملائه في العمل أو حتى رئيسه.
- القيام بتمارين التنفس والاسترخاء التي تساعد على الهدوء، والتحكم بالنفس، عن طريق التنفس عبر الأنف ومن ثم إخراج الهواء تدريجيًا عن طريق الفم بصورة أبطأ، مع تكرار هذا كل يوم مرة صباحًا ومرة مساءً.
- للسيطرة على الغضب عند الأطفال من الجميل تعلّم بعض التمارين الخاصة بالتفريغ الانفعالي، وتطبيقها عليهم، مع استخدام أسلوب الحوار، مما يوضح سبب غضب الطفل، ويساعده في حل مشكلاته الخاصة والسيطرة على غضبه.
- التحدّث مع شخص تثق به، فمن طرق التنفيس عن الغضب التعبير عما يدور في خاطر الإنسان، عن طريق مناقشة الأمر مع أحد الأصدقاء، وبذلك يتخلّص الإنسان من الضغط النفسي الواقع عليه والذي يتسبب له بنوبات الغضب التي من الصعب السيطرة عليها.
كيف أتعامل مع زوجي الغاضب؟ يعتبر الغضب أحد أهم مشكلات الحياة الزوجية، ويختلف التعبير عن الغضب من شخصٍ لآخر مع اختلاف البيئة التي نشأ بها الشخص، واختلاف عاداته وطباعه، فهناك من يعبّر عن غضبه بالسب أو الشتم، وهناك من يفرّغ هذا الغضب عن طريق صوته المرتفع، فيستمر بالصراخ للتعبير عن غضبه ولتوضيح موقفه،
وهناك أشخاص يذهبون إلى أبعد من ذلك، فيستخدمون أسلوب الضرب والتهديد، وربما قام بتفريغ غضبه عن طريق تدمير ما حوله، فهو غير واعٍ لما يفعله، ومع كل هذا ما زال الأمر يتعلّق بالطرف الآخر، وطريقة تعامله مع نوبات الغضب المصاحبة لشريكه؛ فالزوج الغاضب لا بد أن يكون هناك سبب لغضبه، حتى وإن كان السبب بسيطاً، فهناك من يغضب عندما يتأخر طعامه، أو يلاحظ تقصير ما في واجبات زوجته المنزلي.
ويغضب الزوج عندما يلاحظ اهتمام زوجته الزائد بصديقاتها، وهناك من يغضب من كثرة متطلبات زوجته التي لا تنتهي، فالحل في مثل هذه الظروف يكمن في البعد عن أسباب الغضب تلك وتجنبها، عن طريق فهم شخصية الزوج، ولكن في حال لم يكن الغضب بسبب تلك الأسباب وكان الغضب فقط لمجرّد الغضب، فهو يغضب لمشكلة ما بالعمل ويفرغ غضبه بالمنزل، أو يغضب لبكاء طفله الصغير.
إذاً يكمن الحل في مثل هذه الحالات بعدم فتح نقاشات في لحظة موجات الغضب تلك، والتزام السكوت، ومن المهم جدًا انتقاء أوقات هادئة للعودة للموضوع والنقاش، وتوضيح الأمر بكل هدوء وتفهم، حتى لا تتفاقم الأمور ويتكرر الأمر في كل مرة، ممّا يؤثّر على نفسية الأطفال ويدمر الحياة الزوجية، فتكرار الصراخ وموجات الغضب تؤثر على المنزل بشكل عام، وعلى العلاقة بين الرجل والمرأة.