في الحادي والعشرين من آذار من كل عام يحتفل الأردنيون بذكرى خالدة في الوجدان، وعزيزة على القلوب، ألا وهي ذكرى يوم الكرامة التي سطّر بها الجيش العربي المصطفوي أغلى بطولاته وأهمها؛ حيث انتصر على جيش إسرائيل بكلّ ما يحمله من قوةٍ وعتاد، وآلياتٍ حديثةٍ ومتطوّرة.
في صبيحة الحادي والعشرين من آذار، من عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وستين، بدأت بوابة الانتصارات على جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن سطّر جنود القوات المسلحة البواسل أغلى تفوّقٍ على الأعداء، ومنعوا تقدمهم في أرض الأردن الطهور، وحموا ترابه من دنس الاحتلال، ولقنوا جيش إسرائيل الذي كان يسمى الجيش الذي لا يقهر درساً قاسياً في البطولة والفداء، وأفشلوا جميع مخططاتهم في فرض جبروتهم على الأردن، حيث وقعت المعركة في غور الكرامة.
شاءت الصدفة أن يكون يوم الكرامة في يوم عيد الأم، وبداية فصل الربيع، ليدلّ هذا على أن يوم الكرامة كان علامةً فارقةً دافع فيه أبناء القوات المسلحة عن شرف الأمة العربية، وبثوا الأمل في النفوس بعد الخسارات المتلاحقة التي مُني بها العرب، وخصوصاً بعد نكسة حزيران، ممّا أعاد الحماسة وروح الدفاع عن العرب أمام إسرائيل في نفوس جميع أبناء الأمة.
كان يوم الكرامة يوماً تشهد فيه جميع القلوب الحرة، والأنفس الطاهرة على أن النصر على الأعداء يحتاج للنية الصادقة، والصلابة، والإرادة القوية، وحسن التوكل على الله، والدخول إلى المعركة بنفسٍ تطلب الظفر بالنصر على الأعداء، أو نيل شرف الشهادة في سبيل الله، ومن ثم في سبيل الوطن، وقد كان الشرف للأراضي الأردنية بأنّها أول من مرّغ أنف جيش إسرائيل في التراب دفاعاً عن الوطن والأمة.
وفي يوم الكرامة، سقطت غطرسة جيش إسرائيل وكبريائه، بعد أن كانوا يظنون المعركة مع الأردنيين مجرّد نزهة، يُعلنون فيها انتصارهم ثم يعودون، لكنهم لم يعلموا أنّ الأردني لا يقبل الضيم، ولا تثنيه أي عزيمةٍ عن الدفاع عن وطنه، ولا تهمه التضحية بالروح والمال والولد، كي يبقى وطنه حراً أبياً صامداً، ولم يتوقعوا أن تكون روح القتال والحندية مزروعة في قلب كل أردني، سواءً كان من الشعب أو الجيش.
سيبقى يوم الكرامة مصدر فخرٍ واعتزازٍ على مدى الأجيال، وسيبقى الأردن حصناً منيعاً، وطوداً شامخاً، لا تثنيه الريح، ولا يحني رأسه للأعداء المارقين، ويوماً ما ستتحرّر كل البلاد، وستظلّ هذه الأرض عربيةً حرةً، باقيةً ما بقيت الحياة.
المقالات المتعلقة بكلمة عن يوم الكرامة