مما لا شكَّ فيه أنَّ المُسلِم الصادِق هو من يستغِّل أيّ فرصةٍ تُتاح له من أجلِ كسْبِ الأجرِ والثوابِ للتنعّم بالجنةِ وبرضى الله عز وجل، فالمُسلِم الذي يحقِّق شُروط العِبادة تامّة، ويقوم بالأعمال التي يُحبّها الله تعالى ورسوله فإنه يعيش سعيداً في الدُّنيا ويفوز بالآخرة، على عَكس الشَّخص الذي يتبع أهواءه وملذّات الحياة المحرّمة فإنَّه لا يشعر بالسَّعادة الحقيقة في الدنيا، حتى لو ظنَّ أنه سعيد، فما هي إلّا لحظات قليلة ثم يدخل في الكآبة والحزن والبحث عن السَّعادة، وفي الوقت نفسه يخْسَر الآخرة، ويُخلّد في نارِ جهنم، ويُجازى من عذابِها على ما صَنع في حياتِه، لذلك فالمسلم يبحث دائماً عن ما يقرِّبه من الجنة، ومن فضل الله تعالى أنه أعطى الكثير من هذه الفرص للمسلِم، وما عليه إلّا القيام بها ليحصل على الكثير من الأجر والثواب، ومن هذه الفرص اغتنام العشرة أيام الأولى من شهر ذي الحِجّة.
فضل أيام ذي الحِجّةإن أحبَّ الأشهر عند الله تعالى هي الأشهر الحُرُم، ومن أفضلِ هذه الأشهر الحُرُم لديه عز وجل شهر ذي الحِجّة، وأفضل أيامِ شهر ذي الحِجّة هي الأيام العشرة الأولى التي يكون فيها الوُقوف بجبِل عرفات للحجاج، فقد أقسم الله تعالى بهذه الليالي حيث قال في سورة الفجر(( والفجر، وليالٍ عَشْر))، وفسّر العُلماء الليالي العشر بأيام ذي الحِجّة، وقَسَمُ الله تعالى بهذه الأيام دالّ على عِظَم هذه الأيام، فالله تعالى عظيمٌ لا يُقسِم إلّا بما هو عظيم، كما أمر عز وجل بِكثرة التسبيحِ والتهليلِ والحَمد فيها.
كما أنَّ هذه الأيام تضَم بين جنَباتها أداء فريضةِ الحج المقدَّسة، التي إذا أدّاها العبد بالطَّريقة الصَّحيحة فلم يرفث ولم يفسق فإنه يعود كما ولَدَته أمه، صحيفته خالية من الذُّنوب، وفيها يوم عرفات الذي هو أحبّ الأيام عند الله تعالى، فهو اليومِ الذي يُباهي به ملائكته عندما يصعد الحجيج إلى جبل عرفات، وهم يدعون ويتضرَّعون إلى الله عزّ جل ليغفر لهم ذنوبهم ويتقبَّل منهم حجّهم.
وقد سنَّ الرسول صلى الله عليه وسلّم صِيام يوم عرفة لغير الحاج، وذلك ليعّم الخير على جميع المسلمين، فصِيامُه يكفِّر سنتين للعبد سنة سابقة وسنة تالية.
ومن عِظَم هذه الأيام أنّ الرسول قال عنها إنَّها أفضل من الجِّهاد، إلّا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام، يعني العشر، قالوا يا رسول الله: ولا الجِّهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجِّهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجِع من ذلك بشيء)) وهذا دليل على أهميّة استغلال هذه الأيام بالإكثار من العمل الصالِح مثل الصلاة والصيام والصدقة والإحسان إلى الناس، والتسبيح والحمد والتهليل.
المقالات المتعلقة بفضل ذي الحجة