حثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعاهد القرآن الكريم ومذاكرته دومًا مخافةَ هَجره ونِسيانه وضَياعه من صاحبه، فقال: (إنّما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقَّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت) [صحيح]؛ فالإبل إذا تركها صاحبها دون أن يُقيّدها ذهبت وتفلّتت منه ولن يعود فيُمسكها إلا بعد جهدٍ وتعب، وكذا صاحب القرآن فإذا هو ترك القرآن الكريم بعد حفظه ولم يتعاهده بالمراجعة والتثبيت والتكرار تفلّت منه وضاع واحتاج جهدًا كبيرًا لاسترجاعه واستذكاره.
ممّا لا ريب فيه أنّ النسيان شيءٌ فطريّ، يحدث مع كلّ إنسان إلا أنّ درجته تختلف وتتفاوت من شخص لآخر، وقد شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يتفلّت القرآن الكريم من صدر صاحبه إذا هو ما تعاهده بالمُراجعة المستمرة، وحافظ عليه مَحفوظًا في صدره منقوشًا فيه حرفًا حرفًا، وفي هذا ابتلاءٌ لقلب صاحبه ليميزَ اللهُ الخبيث من الطيّب، ويعلم من يحفظ القرآن، ويُواظب عليه، ومن تفتُر همّته وينصرف عنه فينساه، وهذا يدعو المُسلم للإكثار من تلاوة القرآن والحرص على مراجعته لنيل الأجر العظيم وكسب الحسنات المضاعَفة، ويجعله أيضًا مُقبلًا على التدبّر والفهم لترسيخ الحفظ مبتعدًا عن الذنوب والمعاصي التي تحجب القرآن عنه، وفي هذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
شكوتُ إلى وكيعٍ سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأنّ العلم نورٌ
ونور الله لا يُهدى لعاصي.
طريقة لمراجعة وتثبيت القرآن الكريمالمقالات المتعلقة بطريقة مراجعة القرآن وتثبيته