يشكّل النوم حاجة فطريّةً ضرورية للكائن الحي، وسيكون حديثنا اليوم في هذا المقال عن النوم بشكل صحيح فيما يخص الإنسان تحديداً. إنّ فهم عملية النوم العميق والحالات التي تصيب الناس من الأرق أو قلة النوم أو النوم القصير هي أمور إن أدركناها فستصبح لدينا قدرة أكبر على طرح مشاكلنا المتعلقة بشأنها، وبالتالي الوصول للحل الأمثل بصورة أسرع وأسهل.
هل تساءلت مع نفسك يوماً ماذا يعني أن ترقد عدداً معيّناً من الساعات متقلّباً في الفراش؟ وما هو شعور الفرد منا إذا لم يتمتّع بنوم هادئ لفترة ما بحيث لا يغمض له رمش؟ تشير عدّة دراسات وإحصائيات في هذا الشأن أنّ العامل الشخصي يلعب دوراً كبيراً في تلك المشكلات، وتتفاوت نسبتها من شخص لآخر حسب طبيعة الشخص نفسه وبيئته وأسلوب حياته والمجهود الذي يقوم به. الجميل هنا أن تلك التجارب الشخصيّة توحي بالأمل، فمهما كان نومك سيئاً فالمسألة مسألة وقت في نهاية الأمر؛ حيث ستعود لتوزانك ووضعك الطبيعي وتنعم بليالي هادئة ونوم قرير.
النوم الجيّد يعني صحّة جيدة، وبالتالي فإن تأثير نقص النوم على الإنسان يؤثر بالضرورة على الأنسجة العصبية والدماغ وذلك لحساسيتها البالغة؛ حيث إنّ هذا التأثير يظهر بصورة فتور وقلق وضعف الحيوية، وشعورك بأن عليك بذل طاقة إضافية للقيام بأعمالك المعتادة، الأمر الذي سيؤثّر سلباً بطريقة أو بأخرى في نشاطك أثناء النهار. وكما قلنا آنفاً فإنّ هذا القلق ونسبة الإرهاق تتباين من جسم لآخر بحسب المجهود الذي يبذله الجسم؛ حيثُ إنّ قلة النوم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجسم الذي يقوم يمجهود كبير سواء كان هذا المجهود عضلياً أو فكرياً.
وما يحصل فعلياً لدينا هو أنّه بسبب قلة النوم يحدث تغير في عدد كريات الدم، ووزن الشخص النوعي، وانخفاض في درجة حرارة الجسم لتصبح أقل من حدودها الطبيعيّة، ممّا يؤدّي إلى شعور الإنسان بأنه غير طبيعي، وأن قدراته قد اختلت وتأثرت بتلك التغيرات. ومن دون شك فإنّ كل تلك الأعراض تتلاشى بمجرد استسلام جفنيك لسلطان النوم لتنال القدر الكافي من الراحة اللازمة لجسمك.
هناك عدّة طرق تستطيع أن تنعم من خلالها بالتأكيد بنوم هادئ وساعات حالمة عميقة؛ حيث إنّ طريقة النوم الصحيح متعلّقة هنا ببرمجة عقلك وضبط الإيقاع الداخلي لقواك الداخلية، فما عليك سوى أن تتجنّب الأمور التي من شأنها أن تنبّه الدماغ وتجعله متيقظاً ومستثاراً، وتوقف تأثيرها السلبي عليك لتهنأ بليالٍ مطمئنّة، ومن الأمور الواجب الانتباه لها:
من المؤكّد أن الساعات التي تنامها ليلاً والتي من شأنها أن تعيد لك توزانك وحيويتك في النهار تتأثر بشكل كبير بطبيعة نشاطك الذي تقضيه نهاراً، فعليك أن تتجنب التوتر والإرتباك نهاراً، وأن تضبط حركاتك لتحافظ على توزان أعصابك وليصفو كذلك تفكيرك فتصبح أكثر عطاءً وإنتاجاً بسبب تركيزك وعدم استعجالك. حاول أن تمارس نشاطاً جسميّاً في الهواء الطلق إن استطعت، فذلك سيساعدك على النوم، ولكن حذاري أن لا يزيد هذا النشاط عن حدّه فيزيد من تعبك وإعيائك وبالتالي تكون عرضة للأرق ليلاً.
حاول أن تمتنع تماماً عن ممارسة أي نشاط فكري مركز قبل نومك ببضع ساعات خصوصاً إذا أصدر جسمك وطبيعتك إنذاراً بالتعب. لذلك يُنصَح الطلاب بالدراسة في وقت مبكّر؛ لأنّ أي نشاط عقلي من هذا النوع من شأنه أن يرفع نسبة القلق والتوتر الذي بدوره سيسرق النوم من أعينك بلا شك.
كلّنا نعرف أهمية النصائح التي تتردد على مسامعنا كثيراً عندما نريد اتباع حمية غذائية لأسباب صحيّة أو لتخفيف الوزن وحتى للأشخاص العاديين، وأبرز هذه النصائح الامتناع عن تناول الطعام قبل النوم بساعتين أو ثلاث. من المعروف أنّ الوجبة الدسمة قبل الذهاب للنوم تسبّب مشاكل كثيرة؛ كاستيقاظنا عدة مرات ليلاً، وكذلك حدوث الكوابيس وبالتالي يصبح النوم مزعجاً وغير مريح، والسبب في ذلك عسر الهضم من امتلاء المعدة بشكل زائد عن الحاجة قبيل موعد النوم.
حتماً هناك علاقة حميمة فعلياً بين الدماغ والمعدة؛ إذ إنّه كيف للدماغ أن لا يضطرب ويقلق والمعدة مشغولة ومربكة بعمليّة الهضم، وذلك من الأسباب التي تدفعك للاستيقاظ ليلاً بشكل متكرّر، فإذا كنت تعاني من هذه المشكلة ينصح بعدم شرب المنبهات قبل النوم بقليل، وكذلك تناول الطعام ببطء وبكميّات معتدلة وفي أوقات مناسبة خلال اليوم لتنتظم عمليّة الهضم لديك، فتتخلّص تلقائياً من الأرق وتنعم بنومٍ لطيف.