أنا أحتاج المال ومضطر جداً لأخذ قرض من البنك ولكنهم يضعون عليه فوائد فهل يجوز ذلك ؟
أنا أملك المال وأريد التجارة به وأنا لا أعرف بالمتاجرة ، وأريد أن أضعه في البنك بفائدة معينة ، فما حكم الشرع في ذلك ؟
أنا أعمل في وظيفة بالبنك وهذا البنك يتعامل بالفوائد فما حكمها ؟
هل تعتبر فوائد البنوك من الربا أم أنها جائزة ؟
ما الفرق بين ربا الفضل وربا النسيئة ؟
إذا كنت مهتماً في معرفة الجواب الشافي في هذه المسألة فأبحر معنا عزيزي القارئ في هذا المقال الشيق لتتعرف على حكم الشرع في هذه المسألة المهمة وأقوال العلماء فيها ، والتي تعتبر جزءاً من حياتنا .
الأرزاق التي توجد في الكون تنقسم قسمين :
رزق انتفع به مباشرة . رزق هو سبب لما انتفع به مباشرة .
فمثلاً أكل الخبز هو رزق انتفع به مباشر ، وشرب الماء رزق انتفع به مباشر والسكن في البيت رزق انتفع به مباشر ، أما المال فهو يأتي بالرزق المباشر ولا يغني عن الرزق المباشر فلو كان معك جبل ذهب وأنت جائع فماذا تصنع به ؟ لذلك فالأموال تأتي بالرزق المباشر ولا تغني عنه ، إذاً المال لا ينفع أن يكون غاية بل هو وسيلة فإن أصبح المال غاية أصبح علة فساد الكون .
والمال اليوم أصبح غاية وليس وسيلة لذلك ترى أن العالم يتخبط تخبطاً ، والمال حينما يكون غاية يصبح سلعة، فمن هنا ينتج الفساد اليوم ،
وعندما يتعرض القرآن لهذه المسالة يقول: " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ"
معنى القيام الانتصاب للحاجة، الله عندما يضع نظاما يضعه لمواجهة أمرا كان موجوداً هذا الأمر الذي كان موجوداً العلماء يختلفون فيه فيقولون ربا الفضل وبعضهم ربا النسيئة والبعض يقول الاثنين ( ربا النسيئة ) أي اقترض أي شيء الى أجل مسمى وعندما جاء الأجل لم أجد الوفاء فقال أخرني الى أجل وأزيدك" إذاً فربا النسيئة جاء في مرحلة ثانية أما ربا الفضل فالربا فيه من أول الأمر وأول مرحلة وهو ما عليه الفوائد البنكية .
يذكر أن بلالاً ذهب إلى السوق واحضر تمراً برياً - أي جيداً - فلما رآه الرسول -صلى الله عليه وسلم - وهو لم يكن له سأله : من أين لك هذا ؟؟ قال : أخذت تمرنا وأعطيت صاعين منه وأخذت صاعاً من الجيد ، فقال الرسول : عين الربا، عين الربا، عين الربا ، إذا أردت ذلك بع صاعيك واشتري ما تريد .
يأتي أحدٌ ويقول : ضروريات الحياة اقتضت ذلك، نقول له : ضروريات الحياة اقتضت لخروجك عن منهج الله فلو أن منهاج الله طبق في قيام حكومة إسلامية تأخذ الزكاة لتردها من الأغنياء إلى الفقراء لما حل ذلك .
يقول الشيخ محمد حسان: "الفوائد البنكية إنما هي الربا المحرم ، وهذا قول جماهير أهل العلم والمجاميع الفقهية". أفتى جماهير أهل العلم أن الفوائد التي تنتج عن رأس المال الذي يوضع في البنوك كقرض أو إيداع، هذه الزيادة هي زيادة ربوية محرمة، سواء أخذها المودع للمال أو هذا المقترض الذي يأخذ منه القرض ، فالزيادة في الحالتين هي زيادة ربوية محرمة .
وتعريف الربا من علماء الاقتصاد من غير المسلمين "ولادة المال للمال لعنصر الزمن ليس إلا" ولا شك أن وظيفة البنك الرئيسة أنه طرف وسيط بين طرفين : المودع، والمقترض ن المودع يودع مبلغاً معيناً في البنك بفائدة معينة مثلا 10% والآخر المقترض يحتاج هذا المال لعمل مشروع فيقترض هذا المال من البنك بفائدة 25% الفارق بين هاتين الفائدتين هو عمل البنوك في الغالب .
وقد حذر النبي من الربا في أحاديث عديدة، وحذر ربنا – جلَّ وعلا - منه في آيات من سورة البقرة لم أجد في القرآن وعيد مثل هذا الوعيد، يقول الله تعالى: " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا"
فإذا اضطر الفرد ولم يستطع المتاجرة بماله، ووضع ماله في بنك إسلامي، كدكتور الجامعة -مثلاً- ليس تاجراً ولا يجيد التجارة، ولا يأمن أن يعطي ماله لأحد ليتاجر به، ولا حتى لأخيه ابن أمه وأبيه، لو وضع المال في بنك إسلامي، وضعت قواعده على القواعد الشرعية وفق مقتضى الشرع، وهيئة للراقية الشرعية؛ لتراقب أوجه استثمار المودعين ، أي أن عقد تأسيسه يختلف عن البنك الربوي ، ويحتوي على هيئة رقابة ، فإن اضطر الى وضع المال في هذا البنك بهذين الشرطين أو الأصلين فلا حرج عليه ولا إثم لأنه بهذا يكون أعذر إلى الله تعالى .
هذا والله أعلى وأعلم .
المقالات المتعلقة بحكم فوائد البنوك