حكم سماع الأغاني
قال الله عز و جل (و من الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ) و إنما سمي اللهو لهوا لأنه يلهي الإنسان عن الهدف الأساسي و يلهي القلب عن أمر ما. فالأغاني المحرم إنما يقصد به النص الذي يغنى فإن كان النص الذي يلحن و يغنى يثير الغريزة الإنسانية و العواطف المتعلقة بالعلاقة بين الرجل و المرأة فهي محرمة ، فالغريزة ذاتها موجودة في الإنسان و تفرغ في موضعها الحلال، و جائز أن تهيج من نفسها لكن إن هيجها مهيج فذلك المهيج محرم أي( نص الأغنية ) .
و سأضرب مثالا لتوضيح الأمر ، لو قلت لك أن : سيارة لونها عنابي كانت تمشي و استدارت نحو اليمين ثم ارتطمت بسيارة لونها أسود و السيارة التي لونها أسود تشقلبت ثلاث تشقلبات ثم استقرت على ظهرها فخرج منها شاب يرتدي بنطالا أزرق و بلوزة لونها بيج مخططة بالأزرق. من المؤكد أنك تخيلت المشهد من دون أن أقول لك تخيل ما سأقول، و هذا بالضبط هو ما تفعله الأغاني حيث أن الكلمات وحدها تجعل الإنسان يتخيل المشاعر التي تصفها الأغنية و تهيج فيه غريزة راكدة .
و بهذا تكون الأغاني محرمة ،و كذلك الحال بالنسبة للشعر أو الروايات التي فيها نفس المواضيع، و مما يزيد الحرمة أن تغنى هذه الأغاني بتكسر يزيد التهيج، و تعظم الحرمة أكثر إذا كان هناك فيديو كليب يوفر عليك التخيل و يجعل عينك ترى فتشرك كل الجوارح في المعصية.
أما إذا كانت الأغاني مواضيعها غير المواضيع العاطفية و الجنسية فقد اختلف العلماء فيها و ذلك تبعا لما يستخدم فيها من مؤثرات فإن كانت مؤثرات بشرية فهي جائزة و ذلك مثل الأناشيد و أما إن كانت بموسيقى فقد اختلفوا فيها و الراجح أن الموسيقى محرمة أولا : بسبب الأدلة الشرعية على هذا الأمر .
ثانيا: لمن يريد الخروج من الخلاف فإن واقع الحال يثبت أن الموسيقى عادة لا تستخدم في الحث على الأمور الطيبة فلا نجد مغنيا يمسك العود في المسجد و يحث الناس على صلاة الفجر في وقتها. و لكن الموسيقى في النهاية فيها خلاف أما الأغاني فهي محرمة كما ذكرنا سابقا لأن أغلب الأغاني لا يكون فيها طيب.و قد ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يغنون في الحرب للتشجع و كذلك عند العمل و كذلك في الأعراس و لكن ذلك كله في ما أحل الله دون تجاوز في نص ما ينشدونه. و في النهاية أذكر لكم قول ابن عباس رضي الله عنهما حيث قال: الغناء رقية الزنا . و قول ابن القيم رحمه الله تعالى:
طهر سماعك إن أردت سماع ذياك الغناءعن هذه الألحان (يقصد إن أردت سماع غناء أهل الجنة)
و الله إن سماعهم في القلب و الإيمان مثل السم في الأبدان
و الله ما انفك الذي هو دأبه أبدا من الإشراك بالرحمن
فالقلب بيت الرب جل جلاله حبا و إخلاصا مع الإيمان
فإذا تعلق بالغناء أصاره عبدا لكل فلانة و فلان
حب الكتاب و حب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان
و إنما هي حياة تمضي فاصبر عن ما حرم الله تعالى حتى تنال المتعة التي لا تذهب عنك أبدا و لا نكد فيها و لا زوال أبدا فما أظن الموت منك أو مني بعيدا فالموت قريب منا أكثر مما نظن ، و والله إن ملأ القلب بحب الله تعالى و حب نبيه أندى و أمتع للقلب مما تتصور ، و ليس يعرف سعادة قلبك الحقيقية إلا خالق هذا القلب، و لا تغترن بتزيين الشياطين من الإنس و الجن قال الله جل شأنه: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير). أحبكم في الله و آمل رؤيتكم في جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين.
المقالات المتعلقة بحكم سماع الأغاني