ديننا الإسلامي الحنيف هو دين الحياة، جاء بمنظومةٍ مُتكاملةٍ من الآيات والأحاديث والوَصايا من نبيّنا عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ فالدّين الإسلاميّ دين يَشتمل على العِبادات والمعاملات، واهتمّ بالأخلاق والعلاقات بين الناس، وحرص على مدّ جسور الودّ بينهم، ومن بين العلاقات التي حرص الإسلام عليها لأهميّتها، وجاء بالكثير من الأحاديث التي تؤكد عليها هي علاقة الجار بجاره، أو ما يُعرف بحقوق الجار.
الجارالجار اصطلاحاً هو كلّ من سكن إلى جوارك، وكان مسكنه بالقرب منك، ولقد شدّد الإسلام على علاقة الجار بجاره كون الجار هو أكثر الناس قرباً من الشخص؛ فهو مُلازم له في مسكنه في كل وقت، ومُطّلع على وقت خروجه ودخوله، وبعض أسراره، ولأنّ الإنسان يبحث عادةً عن راحته في منزله فالجار المتعدّي والمؤذي يسلب الإنسان على الأغلب راحته تلك.
حقوق الجارمن أبسط حقوق الجار على جاره معاشرته بالمعروف، وعدم إيذائه، وحفظ أسراره، وعدم إزعاجه بالصوت المرتفع؛ فقد قال رسولنا الكريم عليه السلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)؛ أي إنّ الإسلام ربط الإيمان بالله واليوم الآخر بإكرام الجار، فمن إكرام الجار لجاره تحمل أذاه وزيارته إذا مرض ومساعدته عند الحاجه، وتفقد أحواله، ومشاركته أفراحه وأحزانه، والمشي في جنازته بعد وفاته.
من حقوق الجار العظيمة أيضاً حق الشُفعة للجار؛ أي إذا أراد أحد من الناس بيع منزله توجب عليه أولاً سؤال جاره إذا كان يريد شراء ذلك المنزل أو لا فهو برأي الإسلام أولى من غيره في ذلك؛ فإذا أراد شراء ذلك المنزل كان هو أولى من غيره في تملّكه على السعر الدارج لذلك العقار في ذلك الوقت.
قسّم الإسلام الجيران إلى فئات ورتب بناءً على ذلك الحقوق؛ فهناك الجار المسلم القريب الذي له حق الجوار والقرابة والإسلام، والجار المسلم غير القريب الذي له حق الإسلام والجوار، والجار الكافر القريب الذي له حق الجوار والقرابة، وأقلها الجار الكافر غير القريب الذي له فقط حق الجوار.
إيذاء الجارعدّ البعض إيذاء الجار من الكبائر واعتبروه سبباً من أسباب منع دخول الجنة ونفي الإيمان؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول لله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه) [رواه البخاري]، وبوائقه هي جمع بائقة، وهي الداهية، والشيء المهلك والشديد، والمقصود أنّه لا يأمن ظلمه وتعديه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنّها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار، قال: يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانه، قال: هي في الجنة) [صحيح]؛ فصلاة المرأة وصدقتها لم تفيداها بشيء لأنها تؤذي جيرانها مما دلّ على عظيم فعلها.
الإحسان إلى الجار بابٌ من أبواب الخير وسببٌ من أسباب دخول الجنة، ودليلٌ على سموّ أخلاق الإنسان ورقيّه وتهذيبه، وهو سبب لرضا الله تعالى ونشر الخير والحبّ بين الناس.
المقالات المتعلقة بتقرير عن حقوق الجار