مهما اختلفت تعريفات المجتمع المدني هنا أو هناك، فإنّ لها إطاراً عاماً يجمعها، حيث يعرف المجتمع المدني على أنه ذلك الفراغ الذي تملؤه مختلف أنواع المؤسسات التي لا تتبع للهيكلة الحكومية في دولة معينة، والتي استطاع عدد من الأفراد المعروفين بتفوقهم في مجالاتهم، أو بميولهم التطوعية، أو بأفكارهم التي يعتقونها، تأسيسها والإشراف عليها خدمةً للمجتمع، وتنمية له.
تعمل مؤسّسات المجتمع المدني ضمن الأطر القانونية النافذة والمعمول بها على أرض الدولة. ومن أبرز أنواع المؤسسات التي تندرج تحت مؤسسات المجتمع المدني الأندية الرياضية، والملتقيات الاجتماعية، والنقابات المهنية، والهيئات والمنظمات التطوعية، والنقابات العمالية، والأندية الثقافية، والأحزاب السياسية، والعديد من المؤسسات الأخرى.
تتضافر الأفكار التي أسست لقيام مؤسسات المجتمع المدني مع المبادئ الإنسانية الأساسية ومع المثل العليا التي تحكم الجنس الإنساني، فكل ما يصدر عن هذه المؤسسات يصب في اتجاه تحسين حياة الناس، وصيانة حقوقهم، وتعريفهم بواجباتهم، إلى جانب حفظ كرامتهم، ونشر القيم العليا بينهم، ومن هنا فإنّ أهداف هذه المؤسسات هي أهداف إنسانية بلا شك، وهي تعمل في مصلحة الناس لا عكسهم، إلّا في بعض الحالات المعينة التي قد تكون فيها هذه المؤسسات وبالاً ونقمة على الشعوب، وهي الحالات التي تبيع فيها هذه الجهات المبادئ التي تأسست عليها، والتي ناضلت وكافحت من أجلها لقاء أجرٍ زهيد من جهة معيّنة.
مهام المجتمع المدنيمن الأدوار والمسؤوليات الهامة والرئيسية التي تهتمّ بها مؤسسات المجتمع المدني على اختلافها: نقل الهموم العامة والتي تسيطر على المواطنين وتشغل حيزاً كبيراً من تفكيرهم إلى الجهات المسؤولة من أجل إعادة النظر ببعض القرارات التي تعمل على تعزيز هذه الهموم وزيادتها لدى المواطنين، إلى جانب محاولة التخفيف من الأزمات التي قد تعصف بالمواطنين، والتي قد تتطوّر إلى صراعات مسلّحة عنيفة تأتي على الأخضر واليابس في منطقة جغرافيّة محددة من الوطن، أو على كامل مناطقه وأراضيه.
ومن مسؤوليّات المجتمع المدني الدفاع عن الفئات التي تعاني من اضطهاد في المجتمع، بالإضافة إلى متابعة حقوق الإنسان، ومراقبة تنفيذها على أرض الواقع، والإعلام عن وجود انتهاك ما في منطقة معينة من المناطق لهذه الحقوق، عدا عن مسؤولياتها في إطلاق وإدارة الحملات المختلفة التي تساعد على بث المفاهيم الرئيسية والأساسية مما يهم الإنسان، ويصون له كرامته، ويعرّفه بأبرز حقوقه، وواجباته التي يجب عليه ألّا يُفرط بأيٍّ منها.
مما سبق نرى الدور الكبير الملقى على عاتق المجتمع المدني والذي يصب إجمالاً في صالح مختلف أصناف الناس، بشكل يحقّق لهم كرامةً إنسانية، وحياة هانئة سعيدة، ولكن المجتمع المدني لن يستطيع القيام بأي شيء إن لم توفّر له الحكومات المناخ الملائم ليعمل فيه؛ فالحكومة هي أساس التطور والنهضة وليست أيّة جهة أخرى.
المقالات المتعلقة بتعريف المجتمع المدني