علم التّصنيف هو أحد فروع علم الأحياء، ويختصّ بوصف جميع الكائنات الحيّة في العالم؛ من نباتات، وحيوانات، وكائنات حيّة دقيقة، وتسميتها، وتقسيمها إلى مجموعات مُترابِطة، ويتمّ التقسيم اعتماداً على الشَّكل، والسُّلوك، والصّفات الجينيّة، والبيوكيميائيّة. يُعد النّوع (بالإنجليزيّة:Specie) هو الوحدة الأساسيّة في التّصنيف، ويُعرَّف النّوع بأنّه مجموعة من الكائنات الحيَّة المُتشابِهة، القادرة على التزاوج بينها وإنتاج جيل خصب. يوفِّر علماء التّصنيف اسماً لاتينيّاً عالميّاً ومُوحَّداً لكلّ نوع من الأنواع المعروفة من الكائنات الحيَّة، ويتمّ استخدام هذا الاسم الذي يُعرَف بالاسم العلميّ (بالإنجليزيّة:Scientific Name) في أنحاء العالم جميعها، بغضّ النّظر عن اللُّغة الأمّ.[١]
عند اكتشاف نوع جديد من الكائنات الحيَّة، يبدأ العلماء بدراسته للتأكُّد من عدم انتمائه إلى أيٍّ من الأنواع السّابقة؛ وذلك بمقارنته بالعينات المتوفّرة، ودراسة التشريح الداخليّ للكائن، أو حتّى التحليل الجُزَيئيّ للحمض النوويّ الخاصّ به، وبعد التأكّد من أنّه لا ينتمي لأيٍّ من الأنواع السّابقة، يجب على العلماء وصف النوع الجديد وصفاً شاملاً؛ بما في ذلك طرق تمييزه عن غيره، ثمّ منحه اسماً علميّاً خاصّاً به، ويجب بعد ذلك نشر الاسم والوصف بشكلٍ صحيحٍ؛ بحيث يتمكّن علماء التّصنيف الآخرين في جميع أنحاء العالم من معرفة ما تمّ القيام به، والتأكُّد من قُدرتهم على تمييز النوع الجديد. يحتاج تصنيف كائن حيٍّ إلى الكثير من الجهد والعمل، وفي بعض الأحيان قد يستغرق العمل على تحديد صفات الكائن الحيّ المُكتَشف حديثاً وإعطائه اسماً عدّة سنواتٍ.[١]
أهميّة علم التّصنيفيُمكِّن علم التّصنيف العلماء من دراسة الكائنات الحيَّة، وتحديد المجموعة التي تنتمي إليها، ضمن نظام مُوحَّد ومُعتمَد عالميّاً، على أساس علميّ، لا يعتمد على التّشابُه في الشكل الخارجيّ فقط، وإنّما يُوظِّف لذلك الهدف علوم الأحياء المختلفة، مثل: علم الوراثة الذي يُمكِّن العلماء من دراسة التّركيب الجينيّ للكائنات الحيَّة، وعلم التطوّر الذي يُحدِّد التكيُّفات التي تُميّز الكائنات الحيَّة وجذورها التطوريّة، وعلم الأجِنّة الذي يُمكّن من دراسة التطوّر الجنينيّ للأفراد المعروفة، وبذلك يُصبح من السّهل فهم الأنواع القديمة، ودراسة الأنواع المُكتشَفة حديثاً، وتحديد المجموعة التي تنتمي إليها.[٢]
تاريخ التّصنيفظهرت الحاجة إلى علم التّصنيف مُبكّراً، فكان لا بُدّ للإنسان من التّمييز بين الكائنات الحيَّة النافعة، وتلك الضارّة، وقد ظهر تصنيف آخر قسّم الحيوانات إلى خمس مجموعات: حيوانات زاحفة، وحيوانات طائرة، وحيوانات بحريّة، وحيوانات أليفة، وحيوانات بريّة، ثمّ تطوّر علم التّصنيف بمرور الزمن بجهود الكثير من العلماء، ومنهم:[٣][٤]
وفقاً لنظام التّصنيف الذي اعتُمِد لكثير من السّنوات، صُنِّفت الكائنات الحيَّة إلى خمس ممالك أو ستّ، وهي: الحيوانات، والنباتات، والفطريّات، والطلائعيّات، والبكتيريا القديمة، والبكتيريا. ولكن مع تقدُّم العلم، والقدرة على تحليل البيانات الجينيّة اكتشف العلماء وجود صفات تربط بين بعض أنواع الطلائعيّات والنباتات، أو الحيوانات أكثر ممّا تربطها بأفراد مملكة الطلائعيّات نفسها، ممّا استدعى إيجاد نظام تصنيف جديد يُوضّح هذه الفروقات، فاستُحدِث مستوىً تصنيفيّ جديد وهو (فوق المملكة)، وقُسِّمت الكائنات الحيَّة جميعها إلى فوق ممالك ثلاثة، وهي: فوق مملكة البدائيّات، وفوق مملكة البكتيريا، وفوق مملكة حقيقيّات النواة.[٥]
وصُنفَّت الكائنات الحيَّة باستخدام نظام هرميّ مُتسلسِل، تقع فيه كلّ فئة ضمن الأُخرى؛ أي أنّ المستوى الأوّل للتّصنيف يكون واسعاً، ويشمل الكثير من الكائنات الحيَّة، ثمّ يُصبح أكثر تحديداً، وهكذا إلى أن يتمّ الوصول إلى كائن حيّ واحد، وذلك ضمن المستويات الآتية: فوق المملكة (بالإنجليزيّة: Domain)، والمملكة (بالإنجليزيّة: Kingdom)، والشُّعبة (بالإنجليزيّة:Phylum)، والطائفة (بالإنجليزيّة:Class)، والرّتبة (بالإنجليزيّة:Order)، والفصيلة أو العائلة (بالإنجليزيّة: Family)، والجنس (بالإنجليزيّة: Genus)، والنّوع (بالإنجليزيّة: Species).[٥]
لتوضيح المستويات المُختلفة في نظام التّصنيف الحديث، تُؤخَذ على سبيل المثال مملكة الحيوانات التي تُقسَّم إلى العديد من الشُّعب، ومنها: الحبليّات التي تضمّ الفقاريات كلّها، وتُقسَّم شعبة الحبليّات إلى عدّة طوائف، منها: الثديّيات، والزّواحف، والبرمائيّات، وكلّ طائفة تتكوّن من العديد من الرُّتب، وكلّ رتبة تتكوّن من العديد من الفصائل التي تُقسَّم إلى أجناس، وكلّ جنس يُقسَّم إلى أنواع، ومثال ذلك: ينتمي الإنسان إلى فوق مملكة حقيقيّات النّوى، ومملكة الحيوانات، وشعبة الحبليّات، وطائفة الثديّيات، ورُتبة الرئيسيّات، وفصيلة القِرَدة العُليا، وجنس هومو (Homo)، ونوع سابينز (sapiens) وبذلك يكون الاسم العلميّ للإنسان وفقاً لنظام كارل لينيوس (Homo sapiens).[٥]
المراجعالمقالات المتعلقة بتصنيف الكائنات الحية