أنزل الله تعالى جبريل عليه السلام إلى سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ليبلّغه رسالته عزّ وجل بوحدانيّة عبوديته، واستجاب الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى توحيد الله تعالى، وبدأ بدعوة الناسِ سراً وتعليمهم أصول الدين، واستمرت الدعوة سريّةً ثلاث سنواتٍ، ثم جاء أمر الله عز وجل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم بجهر الدعوةِ وإظهار عبادته وحده عز وجل، وأعلن الرسول الدعوة الإسلامية، وأخذ يدعو الناس، منهم من آمن به وصدّقه، ومنهم من صدّ وأعْرَض، وحاربته قريش بكافّة الوسائل لردعه عن الدين، وعذّبت المسلمين أشد أنواع العذاب لردهم، ولكن كان الرسول صلى الله عليه وسلّم والمسلمين جميعاً صابرين على التوحيد.
مع تزايُد معاداةِ قريشٍ واضطهادهم للرسول صلى الله عليه وسلّم والمسلمين، ومع تأكّد الرسول صلى الله عليه وسلّم من ترسيخ أركان الدين الإسلامي في نفوس المسلمين؛ جاء الإذن من الله عز وجل بالسماح لهم بالهجرة إلى المدينة المنوّرة وبناء أركان الدولةِ الإسلاميّة فيها.
هجرة النبي صلى الله عليه وسلّملم تكن هِجرة النبي والمسلمين من مكة المكرّمة إلى المدينة المنوّرة هجرة ترفيهٍ أو رحلةً عاديةً؛ بل كان خروجهم من دِيارهم وبلدهم مكة المكرمة وتركهم وراءهم كافة أموالِهم وممتلكاتِهم والانتقال للعيش في مكانٍ جديد لا يوجد لديهم به شيئاً كلّه تنفيذاً لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم وطلباً للأجر ونعيم الجنة.
قام النبي صلى الله عليه وسلّم قبل الهجرة بإعداد المهاجرين جيداً وتهيئة نفوسهم، كما أنه صلى الله عليه وسلّم لم ينتقل مباشرةً إلى المدينة المنورة إنما تأكّد من بناء قاعدةٍ إسلاميّةٍ ثابتة عند الأنصار، ورغبتهم الشديدة بهجرته صلى الله عليه وسلّم إليهم وبالتزامهم بمواثيق بيعة العقبة الثانية، وقد وردت في القرآن الكريم الكثير من الإيحاءات التي تبيّن للمسلمين في مكة ضرورة الهجرة إلى المدينة المنورة، فليس من الصواب عبادة الله تعالى في جوٍ من الأذى والخوف من المشركين، والرزق لا يتصل ببقعةٍ معينةٍ من الأرض وإنما الله تعالى وحده هو الرزّاق الكريم.
هاجر المسلمون من مكّة المكرمة إلى المدينة المنورة خفيةً وسراً عن قريش في البداية، واستقبلوهم الأنصار أحسن استقبالٍ، وآووهم في بيوتهم، ونصروهم، وواسوهم على تركهم موطنهم، وحاولت قريش التصدّي لمن هاجر ومنع من يودون الهجرة بعد أن علِموا بقيام المسلمين بالهجرة، واتبعوا الوسائل المختلفة مثل التفريق بين الرجل وزوجته وولده، وأسلوب اختطاف من هاجر وإعادته إلى مكة المكرمة، وأسلوب التجريد من المال، ولكن كل هذه الأساليب لم تُثني المسلمين عن وجهتهم.
هاجرَ النبيّ صلى الله عليه وسلّم مع صديقه أبو بكر الصديق، بعد أن نام علي بن أبي طالب في فراشه صلى الله عليه وسلّم ليوصل الودائع الموجودة عنده صلى الله عليه وسلّم إلى أصحابها، وقد كانت قبائل قريش قد اختارت أقوى الفتيان من قبائل متعددة ليقوموا بضرب النبي أثناء خروجه من بيته ضربةً واحدةً فيتفرّق دمه بين القبائل، ولكن الله تعالى أعمى عيونهم عنه، كما أنّه عزّ وجل حماه وأبو بكر طيلة مسيرتهم حتى وصلوا إلى المدينة المنورة، واستقبلهم هناك الأنصار بكلّ اشتياق ولهفة، بعدها بدأ النبي صلى الله عليه وسلّم بوضع قواعد الدولة الإسلامية.
المقالات المتعلقة ببحث عن هجرة الرسول