تعرف المكلة حتشبسوت بأنها هي الملكة غنمت آمون حتشبسوت، ويعني اسمها "خليلة آمون درة الأميرات"، أو "خليلة آمون المفضلة على السيدات"، وهي الخامسة ضمن تسلسل ملوك الأسرة الثامنة عشرة، علماً أنها حكمت بعد وفاة زوجها الملك "تحتمس الثاني"، ولا بدّ من الإشارة إلى أنها من أشهر الملكات اللواتي حكمن مصر، حيث كانت أقواهن نفوذاً، وفي هذا المقال سنعرفكم عليها أكثر.
ولدت الملكة حتشبسوت عام 1508 قبل الميلاد، وهي الابنة الكبرى للملكة "أحمس" والملك "تحوتمس الأول"، علماً أنّ جدها الأكبر الملك "أحمس الأول" يعتبر مؤسس الأسرة الفرعونية الثامنة عشر، وصاحب الانتصار العظيم في تحرير مصر من الهكسوس، ولا بدّ من الإشارة إلى أنها كانت الوريثة الشرعية لعرش البلاد، إذ لم يكن هناك أي وريث شرعي من الذكور.
تزوجت الملكة حتشبسوت من أخيها غير الشقيق "تحتمس الثاني"، وذلك يخالف عادة الملوك الفراعنة، إذ لم يكن أمامه أي خيار آخر للوصول للحكم سوى أن يتزوج من أخته غير الشقيقة الملكة حتشبسوت، وقد أنجبت منه ابنتان وابن، حيث مات الابن في طفولته، في حين أن الابنتين عاشتا، وكان اسمهما: "نفرو رع"، و"مريت رع حتشبسوت"، ولا بد من الإشارة إلى أن الملك "تحتمس الثاني" قد أنجب ابناً ذكراً اسماه "تحتمس الثالث" من "إيزة"، وهي إحدى محظيات البلاط الملكي.
درست الملكة حتشبسوت علوم الأخلاق والسلوك الصحيح، إضافةً إلى الحساب والفلسفة، والكتابة والقراءة، وقواعد اللغة والإنشاء، والطقوس الدينية، كما وكان عليها أن تجاهد على تعلم الحكم المأثورة عن الحكماء المصريين القدماء وأن تنقلها للناس مثلها مثل أي أحد من أفراد الأسرة الحاكمة كأخيها غير الشقيق "تحتمس الثاني"، وعدد من أبناء الوزراء، والأميرات والأمراء الصغار، ولا بدّ من الإشارة إلى أنها كانت تخاف من المعلم الذي كان يدرسها، لأنه كان لا يهتم لمنزلة تلاميذه مهما كانوا، وكان ذلك مثالاً على العدالة التي تطبق على الجميع دون امتيازات، وأصبح هذا العدل جزءاً أساسياً في حياة المجتمع المصري آنذاك.
كانت الملكة حتشبسوت شريكة مع والدها في الحكم، والوريثة الشرعية له، علماً أنه توفي وهي في العشرين من عمرها، فكان عليها تولي الحكم لوحدها، إلا أنّ المجتمع والسلطة الذكورية والكهنة وقفوا في طريقها، وحاولوا تزويجها من أخيها غير الشقيق "تحتمس الثاني"، رغم وهن صحته، وقلة خبرته في إدارة شؤون البلاد، لتصبح بذلك هي مجرد زوجة الملك لا أكثر، ولم يكن بمقدروها الاحتجاج على ذلك، كانت تحكم البلاد، وتدير أمورها، وتأمر وتنهى من وراء ستار، وكان زوجها في طريقه إلى الموت، الأمر الذي دفع الجميع إلى التساؤل عما سيحدث بعد وفاته.
أراد الملك تحتمس الثاني أن يمنح ابنه تحتمس الثالث حق تولي العرش من بعده، علماً أنّ ابنه تحتمس كان يدبر المؤامرات لأجل ذلك، وقد كان يثير شعوراً عاماً بين الكهنة والناس ضد فكرة قيام امرأة بالحكم، وبعدما توفي والده تحتمس الثاني بفترة قصيرة، ذهبت الملكة حتشبسوت إلى المعبد لتشهد احتفالاً يخرج فيه موكب الإله آمون، وقفت آنذاك المحفة التي كانت تحمل تمثال آمون أمام الكاهن الصغير تحتمس الثالث، الأمر الذي دفع الجميع إلى اختيار تحتمس الثالث لمشاركة الحكم مع الملكة حتشبسوت.
ترك تحتمس الثالث المعبد، ودخل إلى القصر الملكي للفراعنة، الأمر الذي أدى لسيادة المرارة والمنافسة بينه وبين الملكة حتشبسوت، علماً أنها استطاعت أن تجمع حولها عدداً من المناصرين لتكوّن بذلك حزباً مناصراً لها، واشتد نفوذ هذا الحزب، وأصبح قوياً لدرجة أنّ الملك تحتمس الثالث وقف عاجزاً عن حكم البلاد، واضطر لإخلاء المكان لحتشبسوت، وبذلك تمّ إعلان حتشبسوت ملكةً على الصعيد ودلتا، ثمّ حكمت مصر وممتلكاتها في الخارج.
عهدت الملكة حتشبسوت إلى تربية تحتمس الثالث وتعليمه بعد أن أطاحت به، وعلمته فنون إدارة الدولة، وأصبح فيما بعد يقود الحملات العسكرية ضد الثائرين على الحكم المصري خارج البلاد، ثمّ تولى الحكم بعد وفاة الملكة، علماً أنه تزوج من ابنتها "مريت رع حتشبسوت"، الأمر الذي منحه شرعية الحكم، وأصبح من أقوى الفراعنة المحاربين الذي حكموا مصر، وكوّن أقوى إمبراطورية مصرية في التاريخ.
توفيت الملكة حتشبسوت بعد 22 سنة حكم للبلاد في الرابع عشر من شهر يناير لعام 1457 قبل الميلاد، وتوفيت بشكلٍ طبيعي نتيجة إصابتها بمرض السكري أو السرطان، علماً أنّ قبرها يتواجد في وادي الملوك إلى جانب قبر والدها، ويرمز له بالرقم kv20.
المقالات المتعلقة بالملكة حتشبسوت وأعمالها