ولد أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي، في العام 874م، في مدينة فارب التابعة لإقليم تركستان، ويعتبر من أشهر المسلمين الفلاسفة الذين يتقنون العلوم الحكمية، بالإضافة إلى قوته وتمكنه في مجال صناعة الطب، وتوفي في العام 339م.
سمي الفارابي بهذا الاسم نسبة إلى مدينة فاراب التي ولد فيها وعاش فيها حياته، وتنقل في العديد من البلدان أهمها بغداد، ومن ثم انتقل إلى سوريا وعمل العديد من الجولات في هذه البلاد، وفي نهاية المطاف عاد إلى مدينة دمشق، واستقر فيها فترة طويلة لحين وافته المنية في هذه المدينة، ويعتبر من الأشخاص الذين لهم دور كبير في إدخال مفهوم الفراغ لعلم الفيزياء، وتأثر به العديد من العلماء أهمهم ابن سينا وابن رشد، وأطلق لقب المعلم الثاني على الفارابي، وذلك تيمناً بلقب المعلم الأول أرسطو، وذلك لأن الفارابي هو من قام بشرح المؤلفات المنطقية لأرسطو.
درس الفارابي في موطنه الأصلي العديد من المواد كالعلوم والرياضيات والآداب والفلسفة واللغات، وخصوصاً اللغة التركية التي هي لغته الأصلية، بالإضافة إلى دراسته للغة العربية والفارسية واليونانية، وبعد ذلك رحل عن بلده في العام 310 هجرياً، وكان عمره في ذلك الوقت خمسين عاماً، متوجهاً إلى الجمهورية العراقية وأكمل دراسته التي بدأ بها في موطنه الأصلي، بالإضافة إلى حصوله على العديد من المواد الإضافية، ومنها حران الفلسفة والمنطق والطب والعلوم اللسانية العربية والموسيقى، ومن ثم رحل من بغداد متوجهاً إلى بلاد الشام، حيث التقى بسيف الدولة بن حمدان، وكان له دور كبير في حصول الفارابي على العلم الوفير.
عرف عن الفارابي الزهد والتقشف في حياته، ولم يتزوج بل فضل العيش وحيداً، ولم يستطع توفير أي مبلغ من المال، ولم يكن يأخذ من سيف الدولة سوى أربعة دراهم يومياً لقضاء حاجياته الأساسية، وهناك بعض الروايات التي تحدثت عن درجة التقشف القصوى التي عاشها، وهي أنه كان يدرس ويتلقى العلم ويسهر الليالي على قنديل الحارس، وذلك لعدم امتلاكه قنديلاً خاصاً به، وبقي على هذه الطريقة طوال حياته.
عرف عن الفارابي حبه للعزلة والوحدة، من أجل القدرة على التأمل والتفكير، وقضى الفترة التي عاشها في دمشق متجولاً ما بين البساتين الجميلة وشواطئ الأنهار كما قال ابن خلكان في وفيات الأعيان، وكان يستلهم من المناظر الطبيعية مؤلفاته وكتاباته المتعددة.
هناك العديد من المؤلفات التي تعود للفارابي في العديد من الموضوعات، أهمها: